وكفنت وحنطت بالحنوط، وكان كافور أنزله جبرئيل عليه السلام من الجنة في ثلاث صرر، فقال: يا رسول الله! ربك يقرؤك السلام ويقول لك: هذا حنوطك وحنوط ابنتك وحنوط أخي علي مقسوم أثلاثا، وإن أكفانها وماؤها وأوانيها من الجنة.
وروي أنها توفيت عليها السلام بعد غسلها وتكفينها وحنوطها، لأنها طاهرة لا دنس فيها، وأنها أكرم على الله تعالى أن يتولى ذلك منها غيرها، وإنه لم يحضرها إلا أمير المؤمنين والحسن والحسين وزينب وأم كلثوم وفضة جاريتها (1) وأسماء بنت عميس، وأن أمير المؤمنين عليه السلام أخرجها ومعه الحسن والحسين في الليل وصلوا عليها، ولم يعلم بها أحد، ولا حضروا وفاتها ولا صلى عليها أحد من ساير الناس غيرهم، لأنها عليها السلام أوصت بذلك، وقال: لا تصل علي أمة نقضت عهد الله وعهد أبي رسول الله صلى الله عليه وآله في أمير المؤمنين علي عليه السلام، وظلموني حقي، وأخذوا إرثي، وخرقوا صحيفتي التي كتبها لي أبي بملك فدك، وكذبوا شهودي وهم - والله - جبرئيل وميكائيل وأمير المؤمنين عليه السلام وأم أيمن، وطفت عليهم في بيوتهم وأمير المؤمنين عليه السلام يحملني ومعي الحسن والحسين ليلا ونهارا إلى منازلهم أذكرهم بالله وبرسوله ألا تظلمونا ولا تغصبونا حقنا الذي جعله الله لنا، فيجيبونا ليلا ويقعدون عن نصرتنا نهارا، ثم ينفذون إلى دارنا قنفذا ومعه عمر بن الخطاب وخالد بن الوليد ليخرجوا ابن عمي عليا إلى سقيفة بني ساعدة لبيعتهم الخاسرة، فلا يخرج إليهم متشاغلا بما أوصاه به رسول الله صلى الله عليه وآله وبأزواجه وبتأليف القرآن وقضاء ثمانين ألف درهم وصاه بقضائها عنه عدات ودينا، فجمعوا الحطب الجزل (2) على بابنا وأتوا بالنار ليحرقوه ويحرقونا، فوقفت بعضادة الباب وناشدتهم بالله وبأبي أن يكفوا عنا وينصرونا، فأخذ عمر السوط من يد قنفذ - مولى أبي بكر - فضرب به عضدي