ما ذهبت إليه العرب من معنى العترة، وذلك أن الأئمة عليهم السلام من بين جميع بني هاشم ومن بين جميع ولد أبي طالب كقطاع المسك الكبار في النافجة، وعلومهم العذبة عند أهل الحكمة والعقل (1) وهم الشجرة التي رسول الله صلى الله عليه وآله أصلها (2) و أمير المؤمنين عليه السلام فرعها، والأئمة من ولده أغصانها، وشيعتهم ورقها، وعلمهم ثمرها وهم عليهم السلام أصول الاسلام على معنى البلدة والبيضة، وهم عليهم السلام الهداة على معنى الصخرة العظيمة التي يتخذ الضب عندها حجرا يأوي إليه لقلة هدايته، وهم أصل الشجرة المقطوعة. لأنهم وتروا وظلموا وجفوا وقطعوا ولم يوصلوا فنبتوا من أصولهم وعروقهم، لا يضرهم قطع من قطعهم، وإدبار من أدبر عنهم، إذ كانوا من قبل الله منصوصا عليهم على لسان نبي الله صلى الله عليه وآله، ومن معنى العترة هم المظلومون المؤاخذون (3) بما لم يجرموه، ولم يذنبوه، ومنافعهم كثيرة، وهم ينابيع العلم على معنى الشجرة الكثيرة اللبن، فهم عليهم السلام ذكران غير إناث على معنى قول من قال: إن العترة هو الذكر، وهم جند الله عز وجل وحزبه على معنى قول الأصمعي:
إن العترة الريح، قال النبي: " الريح جند الله الأكبر " في حديث مشهور عنه عليه السلام، والريح عذاب على قوم ورحمة لآخرين، وهم عليهم السلام كذلك، كالقرن المقرون (4) إليهم بقول النبي: " إني مخلف فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي أهل بيتي " قال الله عز وجل: " وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا (5) " وقال عز وجل: " وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمانا فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون * وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم وماتوا وهم كافرون (6) ".