بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٨ - الصفحة ٨٥
يريدك فادفعه بالقوة التي أعطاك الله إياها، وتحصن منه (1) بأسماء الله التي خصك بعلمها وأنفذ معه مأة رجل من أخلاط الناس، وقال لهم: كونوا معه، وامتثلوا أمره، فتوجه أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى الوادي، فلما قارب (2) شفيره أمر المأة الذين صحبوه أن يقفوا بقرب الشفير ولا يحدثوا شيئا حتى يأذن لهم، ثم تقدم فوقف على شفير الوادي وتعوذ بالله من أعدائه، وسماه بأحسن أسمائه، وأومأ إلى القوم الذين تبعوه أن يقربوا منه فقربوا وكان بينه وبينهم فرجة مسافتها غلوة، ثم رام الهبوط إلى الوادي فاعترضت ريح عاصف كاد القوم أن يقعوا على وجوههم لشدتها ولم تثبت أقدامهم على الأرض من هول ما لحقهم، فصاح أمير المؤمنين (عليه السلام): أنا علي بن أبي طالب بن عبد المطلب وصي رسول الله وابن عمه أثبتوا إن شئتم، وظهر للقوم أشخاص كالزط تخيل في أيديهم شعل النار، قد اطمأنوا بجنبات الوادي (3)، فتوغل (4) أمير المؤمنين (عليه السلام) بطن الوادي وهو يتلو القرآن، و يومئ بسيفه يمينا وشمالا، فما لبثت الأشخاص حتى صارت كالدخان الأسود، وكبر أمير المؤمنين عليه السلام ثم صعد من حيث هبط، فقام مع القوم الذين تبعوه حتى أسفر الموضع عما اعتراه، فقال له أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما لقيت يا أبا الحسن فقد كدنا نهلك خوفا و إشفاقا عليك؟ فقال (عليه السلام): لما تراءى لي العدو جهرت فيهم بأسماء الله فتضاءلوا، وعلمت ما حل بهم من الجزع فتوغلت الوادي غير خائف منهم، ولو بقوا على هيئاتهم لاتيت على آخرهم، وكفى الله كيدهم، وكفى المسلمين شرهم، وسيسبقني بقيتهم إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فيؤمنوا به، وانصرف أمير المؤمنين (عليه السلام) بمن معه إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأخبره الخبر فسري عنه، ودعا له بخير، وقال له: قد سبقك يا علي إلي من أخافه الله بك، فأسلم وقبلت إسلامه (5).

(1) في المصدر: تحصن منهم.
(2) في المصدر: قرب.
(3) في المصدر: قد اطمأنوا فأطافوا بجنبات الوادي.
(4) توغل: ذهب وابعد (5) إعلام الورى: 107 و 108 ط 1 و 182 و 183 ط 2
(٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 الباب 6: معجزاته في استجابة دعائه في إحياء الموتى والتكلم معهم وشفاء المرضى وغيرها زائدا عما تقدم في باب الجوامع 1
3 الباب 7: وهو من الباب الأول وفيه ما ظهر من إعجازه صلى الله عليه وآله في بركة أعضائه الشريفة وتكثير الطعام والشراب 23
4 الباب 8: معجزاته صلى الله عليه وآله في كفاية شر الأعداء 45
5 الباب 9: معجزاته صلى الله عليه وآله في استيلائه على الجن والشياطين وإيمان بعض الجن 76
6 الباب 10: وهو من الباب الأول في الهواتف من الجن وغيرهم بنبوته صلى الله عليه وآله 91
7 الباب 11: معجزاته في إخباره صلى الله عليه وآله بالمغيبات، وفيه كثير مما يتعلق بباب إعجاز القرآن 105
8 الباب 12: فيما أخبر بوقوعه بعده صلى الله عليه وآله 144
9 * أبواب أحواله صلى الله عليه وآله من البعثة إلى نزول المدينة * الباب 1: المبعث وإظهار الدعوة وما لقي صلى الله عليه وآله من القوم وما جرى بينه وبينهم وجمل أحواله إلى دخول الشعب وفيه إسلام حمزة رضي الله عنه وأحوال كثير من أصحابه وأهل زمانه 148
10 الباب 2: في كيفية صدور الوحي ونزول جبرئيل عليه السلام وعلة احتباس الوحي، وبيان أنه صلى الله عليه وآله هل كان قبل البعثة متعبدا بشريعة أم لا 244
11 الباب 3: إثبات المعراج ومعناه وكيفيته وصفته وما جرى فيه ووصف البراق 282
12 الباب 4: الهجرة إلى الحبشة وذكر بعض أحوال جعفر والنجاشي رحمهما الله 410