قالت (1). " وأنه كان يقول سفيهنا " أي جاهلنا، والمراد به إبليس " على الله شططا " والشطط السرف في ظلم النفس والخروج عن الحق " وأنا ظننا أن لن تقول الإنس والجن على الله كذبا " أي حسبنا أن ما يقولونه من اتخاذ الشريك والصاحبة والولد صدق، وأنا على حق حتى سمعنا القرآن وتبينا الحق به " وأنه كان رجال من الانس يعوذون برجال من الجن " أي يعتصمون ويستجيرون، وكان الرجل من العرب إذا نزل الوادي في سفره ليلا قال: أعوذ بعزيز هذا الوادي من شر سفهاء قومه، وكان هذا منهم على حسب اعتقادهم أن الجن تحفظهم، وقيل: معناه أنه كان رجال من الانس يعوذون برجال من أجل الجن ومن معرة الجن " فزادوهم رهقا " أي فزاد الجن للانس إثما على إثمهم الذي كانوا عليه من الكفر والمعاصي، وقيل: " رهقا " أي طغيانا، وقيل: فرقا وخوفا، و قيل: شرا، وقيل: ذلة، وقال الزجاج: يجوز أن يكون الانس الذين كانوا يستعيذون بالجن زادوا الجن رهقا، لأنهم كانوا يزدادون طغيانا في قومهم بهذا التعوذ، فيقولون:
سدنا الجن والإنس، ويجوز أن يكون الجن زادوا الانس رهقا.
" وأنهم ظنوا كما ظننتم أن لن يبعث الله أحدا " أي قال مؤمنوا الجن لكفارهم إن كفار الانس الذين يعوذون برجال من الجن في الجاهلية حسبوا كما حسبتم يا معشر الجن أن لن يبعث الله رسولا بعد موسى (عليه السلام) أو عيسى (عليه السلام)، وقيل: إن هذه الآية مع ما قبلها اعتراض من إخبار الله تعالى، يقول: إن الجن ظنوا كما ظننتم معاشر الانس أن الله لا يحشر أحدا يوم القيامة ولا يحاسبه، أو لن يبعث الله أحدا رسولا، ثم حكى عن الجن قولهم: " وأنا لمسنا السماء " أي مسسناها، وقيل: معناه طلبنا الصعود إلى السماء، فعبر عن ذلك باللمس مجازا، وقيل: التمسنا قرب السماء لاستراق السمع " فوجدناها ملئت حرسا شديدا " أي حفظة من الملائكة شدادا " وشهبا " والتقدير ملئت من الحرس والشهب " وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع " أي كان يتهيأ لنا فيما قبل القعود في مواضع الاستماع فنسمع منا صوت الملائكة وكلامهم " فمن يستمع " منا " الآن "