بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٨ - الصفحة ٨١
قالت (1). " وأنه كان يقول سفيهنا " أي جاهلنا، والمراد به إبليس " على الله شططا " والشطط السرف في ظلم النفس والخروج عن الحق " وأنا ظننا أن لن تقول الإنس والجن على الله كذبا " أي حسبنا أن ما يقولونه من اتخاذ الشريك والصاحبة والولد صدق، وأنا على حق حتى سمعنا القرآن وتبينا الحق به " وأنه كان رجال من الانس يعوذون برجال من الجن " أي يعتصمون ويستجيرون، وكان الرجل من العرب إذا نزل الوادي في سفره ليلا قال: أعوذ بعزيز هذا الوادي من شر سفهاء قومه، وكان هذا منهم على حسب اعتقادهم أن الجن تحفظهم، وقيل: معناه أنه كان رجال من الانس يعوذون برجال من أجل الجن ومن معرة الجن " فزادوهم رهقا " أي فزاد الجن للانس إثما على إثمهم الذي كانوا عليه من الكفر والمعاصي، وقيل: " رهقا " أي طغيانا، وقيل: فرقا وخوفا، و قيل: شرا، وقيل: ذلة، وقال الزجاج: يجوز أن يكون الانس الذين كانوا يستعيذون بالجن زادوا الجن رهقا، لأنهم كانوا يزدادون طغيانا في قومهم بهذا التعوذ، فيقولون:
سدنا الجن والإنس، ويجوز أن يكون الجن زادوا الانس رهقا.
" وأنهم ظنوا كما ظننتم أن لن يبعث الله أحدا " أي قال مؤمنوا الجن لكفارهم إن كفار الانس الذين يعوذون برجال من الجن في الجاهلية حسبوا كما حسبتم يا معشر الجن أن لن يبعث الله رسولا بعد موسى (عليه السلام) أو عيسى (عليه السلام)، وقيل: إن هذه الآية مع ما قبلها اعتراض من إخبار الله تعالى، يقول: إن الجن ظنوا كما ظننتم معاشر الانس أن الله لا يحشر أحدا يوم القيامة ولا يحاسبه، أو لن يبعث الله أحدا رسولا، ثم حكى عن الجن قولهم: " وأنا لمسنا السماء " أي مسسناها، وقيل: معناه طلبنا الصعود إلى السماء، فعبر عن ذلك باللمس مجازا، وقيل: التمسنا قرب السماء لاستراق السمع " فوجدناها ملئت حرسا شديدا " أي حفظة من الملائكة شدادا " وشهبا " والتقدير ملئت من الحرس والشهب " وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع " أي كان يتهيأ لنا فيما قبل القعود في مواضع الاستماع فنسمع منا صوت الملائكة وكلامهم " فمن يستمع " منا " الآن "

(1) أقول: الجد: الحظ والبخت: ويأتي بمعنى العظمة والجلال أيضا، والظاهر أن المعنى المنفى في الحديث هو الأول، لأنه من صفات الآدميين التي يمكن أن يفقدوها مرة، ويجدوها أخرى.
(٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 الباب 6: معجزاته في استجابة دعائه في إحياء الموتى والتكلم معهم وشفاء المرضى وغيرها زائدا عما تقدم في باب الجوامع 1
3 الباب 7: وهو من الباب الأول وفيه ما ظهر من إعجازه صلى الله عليه وآله في بركة أعضائه الشريفة وتكثير الطعام والشراب 23
4 الباب 8: معجزاته صلى الله عليه وآله في كفاية شر الأعداء 45
5 الباب 9: معجزاته صلى الله عليه وآله في استيلائه على الجن والشياطين وإيمان بعض الجن 76
6 الباب 10: وهو من الباب الأول في الهواتف من الجن وغيرهم بنبوته صلى الله عليه وآله 91
7 الباب 11: معجزاته في إخباره صلى الله عليه وآله بالمغيبات، وفيه كثير مما يتعلق بباب إعجاز القرآن 105
8 الباب 12: فيما أخبر بوقوعه بعده صلى الله عليه وآله 144
9 * أبواب أحواله صلى الله عليه وآله من البعثة إلى نزول المدينة * الباب 1: المبعث وإظهار الدعوة وما لقي صلى الله عليه وآله من القوم وما جرى بينه وبينهم وجمل أحواله إلى دخول الشعب وفيه إسلام حمزة رضي الله عنه وأحوال كثير من أصحابه وأهل زمانه 148
10 الباب 2: في كيفية صدور الوحي ونزول جبرئيل عليه السلام وعلة احتباس الوحي، وبيان أنه صلى الله عليه وآله هل كان قبل البعثة متعبدا بشريعة أم لا 244
11 الباب 3: إثبات المعراج ومعناه وكيفيته وصفته وما جرى فيه ووصف البراق 282
12 الباب 4: الهجرة إلى الحبشة وذكر بعض أحوال جعفر والنجاشي رحمهما الله 410