فقال أبو بكر: وكيف أطيق النزول تحت الأرض؟ وكيف أحكم بينهم ولا أحسن كلامهم ثم التفت إلى عمر بن الخطاب فقال له: مثل قوله لأبي بكر، فأجاب بمثل جواب أبي بكر ثم أقبل على عثمان وقال له: مثل قوله لهما: فأجابه كجوابهما، ثم استدعى بعلي (عليه السلام) وقال له: يا علي سر مع أخينا عطرفة، وتشرف على قومه وتنظر إلى ما هم عليه، وتحكم بينهم بالحق، فقام أمير المؤمنين (عليه السلام) مع عطرفة وقد تقلد سيفه، قال سلمان: فتبعتهما إلى أن صار إلى الوادي، فلما توسطاه تنظر إلي أمير المؤمنين (عليه السلام) وقال: قد شكر الله تعالى سعيك يا با عبد الله فارجع، فوقفت أنظر إليهما فانشقت الأرض ودخلا فيها.
ورجعت (1) وتداخلني من الحسرة ما الله أعلم به، كل ذلك إشفاقا على أمير المؤمنين، وأصبح النبي (صلى الله عليه وآله) وصلى بالناس الغداة، وجاء وجلس على الصفا وحف به أصحابه وتأخر أمير المؤمنين (عليه السلام) وارتفع النهار، وأكثر الناس الكلام إلى أن زالت الشمس، وقالوا: إن الجني احتال على النبي (صلى الله عليه وآله) وقد أراحنا الله من أبي تراب، و ذهب عنا افتخاره بابن عمه علينا، وأكثروا الكلام إلى أن صلى النبي (صلى الله عليه وآله) صلاة الأولى وعاد إلى مكانه وجلس على الصفا، وما زال يحدث أصحابه (2) إلى أن وجبت صلاة العصر، وأكثر القوم الكلام وأظهروا اليأس من أمير المؤمنين (عليه السلام)، فصلى النبي (صلى الله عليه وآله) صلاة العصر وجاء وجلس على الصفا، وأظهر الفكر في أمير المؤمنين (عليه السلام) وظهرت شماتة المنافقين بأمير المؤمنين (عليه السلام)، وكادت الشمس تغرب فتيقن القوم أنه قد هلك وإذا قد انشق الصفا وطلع أمير المؤمنين (عليه السلام) منه، وسيفه يقطر دما، ومعه عطرفة، فقام إليه النبي (صلى الله عليه وآله) وقبل بين عينيه وجبينيه، وقال له: ما الذي حبسك عني إلى هذا الوقت؟ فقال (عليه السلام): صرت إلى جن كثير قد بغوا على عطرفة وقومه من المنافقين، فدعوتهم إلى ثلاث خصال فأبوا علي، وذلك أني دعوتهم إلى الايمان بالله تعالى والاقرار بنبوتك ورسالتك فأبوا، فدعوتهم إلى أداء الجزية فأبوا، فسألتهم أن يصالحوا عطرفة وقومه فيكون بعض المرعى لعطرفة وقومه وكذلك الماء فأبوا ذلك كله، فوضعت سيفي فيهم وقتلت