بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٨ - الصفحة ٨٢
ذلك " يجد له شهابا رصدا " يرمى به ويرصد له، و " شهابا " مفعول به و " رصدا " صفته، قال معمر: قلت للزهري: كان يرمى بالنجوم في الجاهلية؟ قال: نعم، قلت: أفرأيت قوله: " أنا كنا نقعد منها " الآية، قال: غلظ وشدد أمرها حين بعث النبي (صلى الله عليه وآله)، قال البلخي: إن الشهب كانت لا محالة فيما مضى من الزمان، غير أنه لم يكن يمنع بها الجن عن صعود السماء، فلما بعث النبي (صلى الله عليه وآله) منع بها الجن من الصعود " وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض " أي بحدوث الرجم بالشهب وحراسة السماء، جوزوا هجوم انقطاع التكليف أو تغيير الامر بتصديق نبي من الأنبياء، وذلك قوله: " أم أراد بهم ربهم رشدا " أي صلاحا، وقيل: معناه أن هذا المنع لا يدرى العذاب سينزل بأهل الأرض أم لنبي يبعث ويهدي إلى الرشد، فإن مثل هذا لا يكون إلا لاحد هذين " وأنا منا الصالحون ومنا دون ذلك " أي دون الصالحين في الرتبة " كنا طرائق قددا " أي فرقا شتى على مذاهب مختلفة، وأهواء متفرقة، " وأنا ظننا " أي علمنا " أن لن نعجز الله في الأرض " أي لن نفوته إن أراد بنا أمرا " ولن نعجزه هربا " أي أنه يدركنا حيث كنا " وأنا لما سمعنا الهدى " أي القرآن " آمنا به فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخسا " أي نقصانا فيما يستحقه من الثواب " ولا رهقا " أي لحاق ظلم وغشيان مكروه " وأنا منا المسلمون ومنا القاسطون " أي الجائرون عن طريق الحق " فمن أسلم فأولئك تحروا رشدا " أي التمسوا الصواب والهدى " وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا " يلقون فيها فتحرقهم كما تحرق النار الحطب انتهى (1).
أقول: سيأتي الكلام في حقيقة الجن وكيفياتهم وأحوالهم في كتاب السماء و العالم إنشاء الله تعالى.
وقال القاضي في الشفا: رأي عبد الله بن مسعود الجن ليلة الجن، وسمع كلامهم، وشبههم برجال الزط (2)، وقال النبي (صلى الله عليه وآله): إن شيطانا تفلت البارحة ليقطع علي صلاتي فأمكنني الله منه فأخذته، فأردت أن أربطه إلى سارية (3) من سواري المسجد حتى

(1) مجمع البيان 10. 367 - 371.
(2) الزط: قوم من السودان والهنود طوال.
(3) السارية: الأسطوانة.
(٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 الباب 6: معجزاته في استجابة دعائه في إحياء الموتى والتكلم معهم وشفاء المرضى وغيرها زائدا عما تقدم في باب الجوامع 1
3 الباب 7: وهو من الباب الأول وفيه ما ظهر من إعجازه صلى الله عليه وآله في بركة أعضائه الشريفة وتكثير الطعام والشراب 23
4 الباب 8: معجزاته صلى الله عليه وآله في كفاية شر الأعداء 45
5 الباب 9: معجزاته صلى الله عليه وآله في استيلائه على الجن والشياطين وإيمان بعض الجن 76
6 الباب 10: وهو من الباب الأول في الهواتف من الجن وغيرهم بنبوته صلى الله عليه وآله 91
7 الباب 11: معجزاته في إخباره صلى الله عليه وآله بالمغيبات، وفيه كثير مما يتعلق بباب إعجاز القرآن 105
8 الباب 12: فيما أخبر بوقوعه بعده صلى الله عليه وآله 144
9 * أبواب أحواله صلى الله عليه وآله من البعثة إلى نزول المدينة * الباب 1: المبعث وإظهار الدعوة وما لقي صلى الله عليه وآله من القوم وما جرى بينه وبينهم وجمل أحواله إلى دخول الشعب وفيه إسلام حمزة رضي الله عنه وأحوال كثير من أصحابه وأهل زمانه 148
10 الباب 2: في كيفية صدور الوحي ونزول جبرئيل عليه السلام وعلة احتباس الوحي، وبيان أنه صلى الله عليه وآله هل كان قبل البعثة متعبدا بشريعة أم لا 244
11 الباب 3: إثبات المعراج ومعناه وكيفيته وصفته وما جرى فيه ووصف البراق 282
12 الباب 4: الهجرة إلى الحبشة وذكر بعض أحوال جعفر والنجاشي رحمهما الله 410