ذلك " يجد له شهابا رصدا " يرمى به ويرصد له، و " شهابا " مفعول به و " رصدا " صفته، قال معمر: قلت للزهري: كان يرمى بالنجوم في الجاهلية؟ قال: نعم، قلت: أفرأيت قوله: " أنا كنا نقعد منها " الآية، قال: غلظ وشدد أمرها حين بعث النبي (صلى الله عليه وآله)، قال البلخي: إن الشهب كانت لا محالة فيما مضى من الزمان، غير أنه لم يكن يمنع بها الجن عن صعود السماء، فلما بعث النبي (صلى الله عليه وآله) منع بها الجن من الصعود " وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض " أي بحدوث الرجم بالشهب وحراسة السماء، جوزوا هجوم انقطاع التكليف أو تغيير الامر بتصديق نبي من الأنبياء، وذلك قوله: " أم أراد بهم ربهم رشدا " أي صلاحا، وقيل: معناه أن هذا المنع لا يدرى العذاب سينزل بأهل الأرض أم لنبي يبعث ويهدي إلى الرشد، فإن مثل هذا لا يكون إلا لاحد هذين " وأنا منا الصالحون ومنا دون ذلك " أي دون الصالحين في الرتبة " كنا طرائق قددا " أي فرقا شتى على مذاهب مختلفة، وأهواء متفرقة، " وأنا ظننا " أي علمنا " أن لن نعجز الله في الأرض " أي لن نفوته إن أراد بنا أمرا " ولن نعجزه هربا " أي أنه يدركنا حيث كنا " وأنا لما سمعنا الهدى " أي القرآن " آمنا به فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخسا " أي نقصانا فيما يستحقه من الثواب " ولا رهقا " أي لحاق ظلم وغشيان مكروه " وأنا منا المسلمون ومنا القاسطون " أي الجائرون عن طريق الحق " فمن أسلم فأولئك تحروا رشدا " أي التمسوا الصواب والهدى " وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا " يلقون فيها فتحرقهم كما تحرق النار الحطب انتهى (1).
أقول: سيأتي الكلام في حقيقة الجن وكيفياتهم وأحوالهم في كتاب السماء و العالم إنشاء الله تعالى.
وقال القاضي في الشفا: رأي عبد الله بن مسعود الجن ليلة الجن، وسمع كلامهم، وشبههم برجال الزط (2)، وقال النبي (صلى الله عليه وآله): إن شيطانا تفلت البارحة ليقطع علي صلاتي فأمكنني الله منه فأخذته، فأردت أن أربطه إلى سارية (3) من سواري المسجد حتى