بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٨ - الصفحة ٤٩
وقيل: أصابه السموم فصار أسود فأتى أهله فلم يعرفوه فمات، وهو يقول: قتلني رب محمد، ومر به الحارث بن الطلاطلة فأومأ إلى رأسه فامتخط قيحا فمات، وقيل: إن الحارث بن قيس أخذ (1) حوتا مالحا فأصابه العطش، فما زال يشرب حتى انقد (2) بطنه فمات (3).
وفي قوله تعالى: " ضرب الله مثلا قرية " أي مثل قرية " كانت آمنة " أي ذات أمن " مطمئنة " قارة ساكنة بأهلها، لا يحتاجون إلى الانتقال عنها لخوف أو ضيق " يأتيها رزقها رغدا من كل مكان " أي يحمل إليها الرزق الواسع من كل موضع ومن كل بلد، كما قال سبحانه: " يجبى إليه ثمرات كل شئ (4) ".
" فكفرت بأنعم الله أي فكفر أهل تلك القرية " فأذاقها الله " الآية أي فأخذهم الله بالجوع والخوف بسوء أفعالهم، وسمى أثر الجوع والخوف لباسا، لان أثر الجوع و الهزال يظهر على الانسان، كما يظهر اللباس، وقيل: لأنه شملهم الجوع والخوف كاللباس، قيل: إن هذه القرية هي مكة، عن ابن عباس ومجاهد وقتادة، عذبهم الله بالجوع سبع سنين، وهم مع ذلك خائفون وجلون عن النبي (صلى الله عليه وآله) وأصحابه يغيرون (5) عليهم قوافلهم، وذلك حين دعا النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: " اللهم اشدد وطأتك على مضر واجعل عليهم سنين كسني يوسف " وقيل: إنها قرية كانت قبل نبينا (صلى الله عليه وآله) بعث الله إليهم نبيا فكفروا به وقتلوه فعذبهم الله بعذاب الاستيصال " ولقد جاءهم رسول منهم " يعني أهل مكة بعث الله إليهم رسولا من جنسهم فكذبوه (6) وجحدوا نبوته " فأخذهم العذاب وهم

(1) في المصدر: أكل حوتا.
(2) انقد: انشق.
(3) مجمع البيان 6: 346 و 347.
(4) يجبى إليه: يجمع إليه، أي يؤتى إليه من كل صوب بثمرات كل شئ. والآية في سورة القصص: 57.
(5) أغار عليهم: هجم وأوقع بهم.
(6) في المصدر: بعث الله عليهم رسولا من صميمهم ليتبعوه لا من غيرهم فكذبوه. أقول: من صميمهم أي من خالصهم.
(٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 الباب 6: معجزاته في استجابة دعائه في إحياء الموتى والتكلم معهم وشفاء المرضى وغيرها زائدا عما تقدم في باب الجوامع 1
3 الباب 7: وهو من الباب الأول وفيه ما ظهر من إعجازه صلى الله عليه وآله في بركة أعضائه الشريفة وتكثير الطعام والشراب 23
4 الباب 8: معجزاته صلى الله عليه وآله في كفاية شر الأعداء 45
5 الباب 9: معجزاته صلى الله عليه وآله في استيلائه على الجن والشياطين وإيمان بعض الجن 76
6 الباب 10: وهو من الباب الأول في الهواتف من الجن وغيرهم بنبوته صلى الله عليه وآله 91
7 الباب 11: معجزاته في إخباره صلى الله عليه وآله بالمغيبات، وفيه كثير مما يتعلق بباب إعجاز القرآن 105
8 الباب 12: فيما أخبر بوقوعه بعده صلى الله عليه وآله 144
9 * أبواب أحواله صلى الله عليه وآله من البعثة إلى نزول المدينة * الباب 1: المبعث وإظهار الدعوة وما لقي صلى الله عليه وآله من القوم وما جرى بينه وبينهم وجمل أحواله إلى دخول الشعب وفيه إسلام حمزة رضي الله عنه وأحوال كثير من أصحابه وأهل زمانه 148
10 الباب 2: في كيفية صدور الوحي ونزول جبرئيل عليه السلام وعلة احتباس الوحي، وبيان أنه صلى الله عليه وآله هل كان قبل البعثة متعبدا بشريعة أم لا 244
11 الباب 3: إثبات المعراج ومعناه وكيفيته وصفته وما جرى فيه ووصف البراق 282
12 الباب 4: الهجرة إلى الحبشة وذكر بعض أحوال جعفر والنجاشي رحمهما الله 410