بعثه صفوان بن أمية ليغتاله بعد بدر، وكان ذلك سبب إسلام عمرو بن وهب عن الحسن.
وثالثها: أن المعني بذلك ما لطف الله للمسلمين من كف أعدائهم عنهم حين هموا باستئصالهم بأشياء شغلهم بها من الأمراض والقحط وموت الأكابر وهلاك المواشي وغير ذلك من الأسباب التي انصرفوا عندها من قتل المؤمنين عن الجبائي.
ورابعها: ما قاله الواقدي: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) غزا جمعا من بنى ذبيان ومحارب بذي أمر فتحصنوا برؤوس الجبال، ونزل رسول الله (صلى الله عليه وآله) بحيث يراهم، فذهب لحاجته فأصابه مطر فبل ثوبه فنشره على شجرة واضطجع تحته والاعراب ينظرون إليه، فجاء سيدهم دعثور بن الحارث حتى وقف على رأسه بالسيف مشهورا، فقال: يا محمد من يمنعك مني اليوم؟ فقال: الله، فدفع جبرئيل في صدره، ووقع السيف من يده، فأخذه رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقام على رأسه وقال: من يمنعك مني اليوم؟ فقال: لا أحد، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، فنزلت الآية، وعلى هذا فيكون تخليص النبي (صلى الله عليه وآله) مما هموا به نعمة على المؤمنين من حيث أن مقامه بينهم نعمة عليهم (1).
وقال في قوله تعالى: " كما أنزلنا على المقتسمين " قيل: فيه قولان:
أحدهما: أن معناه أنزلنا القرآن عليك كما أنزلنا على المقتسمين، وهم اليهود والنصارى " الذين جعلوا القرآن عضين " جمع عضة، وأصله عضوة، فنقصت الواو، و التعضية: التفريق: أي فرقوه وجعلوه أعضاء كأعضاء الجزور، فآمنوا ببعضه، وكفروا ببعضه، وقيل: سماهم مقتسمين لأنهم اقتسموا كتب الله فآمنوا ببعضها، وكفروا ببعضها.
والآخر: أن معناه أني أنذركم عذابا كما أنزلنا على المقتسمين الذين اقتسموا طريق مكة يصدون عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) والايمان به، قال مقاتل: وكانوا ستة عشر رجلا بعثهم الوليد بن المغيرة أيام الموسم يقولون لمن أتى مكة: لا تغتروا بالخارج منا، و المدعي للنبوة، فأنزل الله بهم عذابا فماتوا شر ميتة، ثم وصفهم فقال: " الذين جعلوا