البخاري عن جابر الأنصاري في حديث حفر الخندق: فلما رأيت ضعف النبي (صلى الله عليه وآله) طبخت جديا، وخبزت صاع شعير، وقلت: رسول الله (1)! تكرمني بكذى وكذى، فقال: لا ترفع القدر من النار، ولا الخبز من التنور، ثم قال: يا قوم قوموا إلى بيت جابر فأتوا وهم سبعمأة رجل، وفي رواية ثمانمأة، وفي رواية ألف رجل، فلم يكن موضع الجلوس، فكان يشير إلى الحائط والحائط يبعد حتى تمكنوا، فجعل يطعمهم بنفسه حتى شبعوا، ولم يزل يأكل ويهدي إلى قومنا أجمع، فلما خرجوا أتيت القدر فإذا هو مملو والتنور محشو.
روى أنس أنه أرسلني أبو طلحة إلى النبي (صلى الله عليه وآله) لما رأى فيه أثر الجوع، فلما رآني قال: أرسلك أبو طلحة؟ قلت: نعم، فقال لمن معه: قوموا، فقال أبو طلحة: يا أم سليم قد جاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالناس، وليس عندنا من الطعام ما نطعمهم، فقال (صلى الله عليه وآله): يا أم سليم هلمي بما عندك، فجاءت بأقراص من شعير، فأمر به ففت (2)، وعصرت أم سليم عكة سمن، فأخذها النبي (صلى الله عليه وآله) ثم وضع يده على رأس الثريد، وكان يدعو بعشرة عشرة فأكلوا حتى شبعوا، وكانوا سبعين أو ثمانين رجلا.
وروى أبو هريرة في أصحاب الصفة: وقد وضعت بين أيديهم صحفة، فوضع النبي (صلى الله عليه وآله) يده فيها فأكلوا، وبقيت ملأى فيها (3) أثر الأصابع.
ومثله حديث ثابت البناني عن أنس في عرس زينب بنت جحش.
وروي أن أم شريك أهدت إلى النبي (صلى الله عليه وآله) عكة فيها سمن، فأمر النبي (صلى الله عليه وآله) الخادم ففرغها وردها خالية، فجاءت أم شريك ووجدت العكة ملأى فلم تزل تأخذ منها السمن زمانا طويلا، وأبقى لها شرفا.
وأعطى (صلى الله عليه وآله) لعجوز قصعة فيها عسل فكانت تأكل ولا يفنى، فيوما من الأيام حولت ما كان فيها إلى إناء ففني سريعا، فجاءت إلى النبي (صلى الله عليه وآله) وأخبرته بذلك، فقال