بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٨ - الصفحة ٢٧٢
واستدل المصنف على أنه كان متعبدا بشرع من قبله بما نقل نقلا يقارب التواتر أنه كان بصلي ويحج ويعتمر ويطوف بالبيت ويتجنب الميتة ويذكي ويأكل اللحم ويركب الحمار وهذه أمور لا يدركها العقل فلا مصير إليها إلا من الشرع واستدل آخرون على هذا المذهب أيضا بأن عيسى (عليه السلام) كان مبعوثا إلى جميع المكلفين، والنبي (صلى الله عليه وآله) كان من المكلفين، فيكن عيسى (عليه السلام) مبعوثا إليه.
والجواب: لا نسلم عموم دعوة من تقدمه.
واحتج المخالف بأنه لو كان متعبدا بشرع من قبله لكان مخالطا لأهل تلك الشريعة قضاء للعادة الجارية بذلك أو لزمته المخالطة لأرباب تلك الشريعة بحيث يستفيد منهم الاحكام، ولما كان التالي باطلا إجماعا فكذا المقدم.
والجواب: لا نسلم وجوب المخالطة، لان الشرع المنقول إليه عمن تقدمه إن كان متواترا فلا يحتاج إلى المخالطة والمناظرة، وإن كان آحادا فهو غير مقبول خصوصا مع اعتقاده بأن أهل زمانه (صلى الله عليه وآله) كانوا في غاية الالحاد، سلمنا أنه كان يلزم المخالطة، لكن المخالطة قد لا تحصل لموانع تمنع منها، فيحتمل (1) ترك المخالطة لمن يقاربه من أرباب الشرائع المتقدمة، على تلك الموانع جمعا بين الأدلة انتهى.
وقال المرتضى رضي الله عنه في كتاب الذريعة: هل كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) متعبدا بشرائع من تقدمه من الأنبياء عليهم السلام؟ في هذا الباب مسألتان: إحداهما قبل النبوة، و الأخرى بعدها، وفي المسألة الأولى ثلاثة مذاهب:
أحدها أنه (صلى الله عليه وآله) ما كان متعبدا قطعا، والآخر أنه كان متعبدا قطعا، والثالث التوقف، وهذا هو الصحيح، والذي يدل عليه أن العبادة بالشرائع تابعة لما يعلمه الله تعالى من المصلحة بها في التكليف العقلي، ولا يمتنع أن يعلم الله تعالى أن لا مصلحة للنبي (صلى الله عليه وآله) قبل نبوته في العبادة بشئ من الشرائع، كما أنه غير ممتنع أن يعلم أن له (صلى الله عليه وآله) في ذلك مصلحة، وإذا كان كل واحد من الامرين جائزا ولا دلالة توجب القطع على أحدهما وجب التوقف.

(1) فيحمل خ ل.
(٢٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 267 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 الباب 6: معجزاته في استجابة دعائه في إحياء الموتى والتكلم معهم وشفاء المرضى وغيرها زائدا عما تقدم في باب الجوامع 1
3 الباب 7: وهو من الباب الأول وفيه ما ظهر من إعجازه صلى الله عليه وآله في بركة أعضائه الشريفة وتكثير الطعام والشراب 23
4 الباب 8: معجزاته صلى الله عليه وآله في كفاية شر الأعداء 45
5 الباب 9: معجزاته صلى الله عليه وآله في استيلائه على الجن والشياطين وإيمان بعض الجن 76
6 الباب 10: وهو من الباب الأول في الهواتف من الجن وغيرهم بنبوته صلى الله عليه وآله 91
7 الباب 11: معجزاته في إخباره صلى الله عليه وآله بالمغيبات، وفيه كثير مما يتعلق بباب إعجاز القرآن 105
8 الباب 12: فيما أخبر بوقوعه بعده صلى الله عليه وآله 144
9 * أبواب أحواله صلى الله عليه وآله من البعثة إلى نزول المدينة * الباب 1: المبعث وإظهار الدعوة وما لقي صلى الله عليه وآله من القوم وما جرى بينه وبينهم وجمل أحواله إلى دخول الشعب وفيه إسلام حمزة رضي الله عنه وأحوال كثير من أصحابه وأهل زمانه 148
10 الباب 2: في كيفية صدور الوحي ونزول جبرئيل عليه السلام وعلة احتباس الوحي، وبيان أنه صلى الله عليه وآله هل كان قبل البعثة متعبدا بشريعة أم لا 244
11 الباب 3: إثبات المعراج ومعناه وكيفيته وصفته وما جرى فيه ووصف البراق 282
12 الباب 4: الهجرة إلى الحبشة وذكر بعض أحوال جعفر والنجاشي رحمهما الله 410