بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٨ - الصفحة ٢٧٦
الرابع: لو كان متعبدا بشرع من قبله لكان طريقه إلى ذلك إما الوحي أو النقل، ويلزم من الأول أن يكون شرعا له لا شرعا لغيره، ومن الثاني التعويل على نقل اليهود وهو باطل، لأنه ليس بمتواتر، لما تطرق إليه من القدح المانع من إفادة اليقين، ونقل الآحاد منهم لا يوجب العمل لعدم الثقة.
واحتج الآخرون بقوله تعالى: " فبهداهم اقتده (1) " وبقوله: " ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا (2) " وبقوله: " شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا (3) " وبقوله: " إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين (4) " وبقوله: " إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون (5) " وبأنه (صلى الله عليه وآله) رجع في معرفة الرجم في الزنا إلى التوراة.
أجاب الأولون عن الآية الأولى بأنها تتضمن الامر بالاهتداء بهداهم كلهم، فلا يكون ذلك إشارة إلى شرعهم، لأنه مختلف، فيجب صرفه إلى ما اتفقوا عليه، وهو دلائل العقائد العقلية دون الفروع الشرعية.
وعن الثاني بأن ملة إبراهيم (عليه السلام) المراد بها العقليات دون الشرعيات (6) يدل على ذلك قوله: " ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه (7) " فلو أراد الشرعيات لما جاز نسخ شئ منها، وقد نسخ كثير من شرعه، فتعين أن المراد منه العقليات.
وعن الآية الثالثة أنه لا يلزم من وصية نوح (عليه السلام) بشرعنا أنه أمره به، بل يحتمل أن يكون وصايته به أمرا منه بقبوله عند أعقابهم إلى زمانه (صلى الله عليه وآله)، أو وصى به

(١) النساء: ٩٠ (٢) النحل: ١٢٣.
(٣) الشورى: ١٣.
(٤) النساء: ١٦٣.
(٥) المائدة: ٤٤.
(٦) وربما يقال: إن هذا التوجيه لا ينطبق على مثل قوله تعالى: " ما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين " حيث ظاهره عدم الحرج في الفروع، الا أن يقال ذلك أيضا في الحرج الشديد المنتفى عقلا فيكون من العقليات أيضا.
(٧) البقرة: ١٣٠.
(٢٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 281 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 الباب 6: معجزاته في استجابة دعائه في إحياء الموتى والتكلم معهم وشفاء المرضى وغيرها زائدا عما تقدم في باب الجوامع 1
3 الباب 7: وهو من الباب الأول وفيه ما ظهر من إعجازه صلى الله عليه وآله في بركة أعضائه الشريفة وتكثير الطعام والشراب 23
4 الباب 8: معجزاته صلى الله عليه وآله في كفاية شر الأعداء 45
5 الباب 9: معجزاته صلى الله عليه وآله في استيلائه على الجن والشياطين وإيمان بعض الجن 76
6 الباب 10: وهو من الباب الأول في الهواتف من الجن وغيرهم بنبوته صلى الله عليه وآله 91
7 الباب 11: معجزاته في إخباره صلى الله عليه وآله بالمغيبات، وفيه كثير مما يتعلق بباب إعجاز القرآن 105
8 الباب 12: فيما أخبر بوقوعه بعده صلى الله عليه وآله 144
9 * أبواب أحواله صلى الله عليه وآله من البعثة إلى نزول المدينة * الباب 1: المبعث وإظهار الدعوة وما لقي صلى الله عليه وآله من القوم وما جرى بينه وبينهم وجمل أحواله إلى دخول الشعب وفيه إسلام حمزة رضي الله عنه وأحوال كثير من أصحابه وأهل زمانه 148
10 الباب 2: في كيفية صدور الوحي ونزول جبرئيل عليه السلام وعلة احتباس الوحي، وبيان أنه صلى الله عليه وآله هل كان قبل البعثة متعبدا بشريعة أم لا 244
11 الباب 3: إثبات المعراج ومعناه وكيفيته وصفته وما جرى فيه ووصف البراق 282
12 الباب 4: الهجرة إلى الحبشة وذكر بعض أحوال جعفر والنجاشي رحمهما الله 410