بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٨ - الصفحة ٢٧٤
وينتفع من لم ينتفع بالأول، ولو لم يكن الامر أيضا كذلك كانت البعثة الثانية على سبيل ترادف الأدلة الدالة على أمر واحد، ولا يقول أحد: إن نصب الأدلة على هذا الوجه يكون عبثا.
فأما الوجه الثاني فإنا لا نسلم لهم أن النظر في معجز كل نبي يبعث لابد من أن يكون واجبا، لان ذلك يختلف، فإن خاف المكلف من ضرر إن هو لم ينظر - وجب النظر عليه، وإن لم يخف لم يكن واجبا، وقد استقصينا هذا الكلام وفرغناه في كتاب الذخيرة، والذي يحقق هذه المسألة أن تعبده (صلى الله عليه وآله) بشرع من تقدمه لابد فيه من معرفة أمرين: أحدهما نفس الشرع، والآخر كونه متعبدا به، وليس يخلو من أن يكون علم (صلى الله عليه وآله) كلا الامرين بالوحي النازل عليه، والكتاب المسلم إليه، أو يكون علم الامرين من جهة النبي المتقدم، أو يكون علم أحدهما من هذا الوجه، والآخر من غير ذلك الوجه، والوجه الأول يوجب أن لا يكون متعبدا بشرائعهم إذا فرضنا أنه بالوحي إليه علم الشرع والتعبد معا، وأكثر ما في ذلك أن يكون تعبد بمثل شرائعهم، وإنما يضاف الشرع إلى الرسول إذا حمله ولزمه أداءه، ويقال في غيره: إنه متعبد بشرعه متى دعاه إلى اتباعه، ألزمه الانقياد له، فيكون مبعوثا إليه، وإذا فرضنا أن القرآن والوحي وردا ببيان الشرع وإيجاب الاتباع فذلك شرعه (صلى الله عليه وآله) لا يجب إضافته إلى غيره، وأما الوجه الثاني فهو وإن كان خارجا من أقوال الفقهاء المخالفين لنا في هذه المسألة فاسد من جهة أن نقل اليهود ومن جرى مجراهم من الأمم الماضية قد بين في مواضع أنه ليس بحجة لانقراضهم وعدم العلم باستواء أولهم وآخرهم، وأيضا فإنه (صلى الله عليه وآله) مع فضله على الخلق لا يجوز أن يكون متبعا لغيره من الأنبياء المتقدمين (عليهم السلام)، ثم هذا القول يقتضي أن لا يكون (صلى الله عليه وآله) بأن يكون من أمة ذلك النبي بأولى منا، ولا بأن نكون متعبدين بشرعه بأولى من أن يكون متعبدا بشرعنا، لان حاله كحالنا في أننا من أمة ذلك النبي، وبهذه الوجوه التي ذكرناها نبطل القسمين الذين فرغناهما، ومما يدل على حجة ما ذكرناه وفساد قول مخالفينا أنه قد ثبت عنه (صلى الله عليه وآله) توقفه في أحكام معلوم أن بيانها في
(٢٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 279 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 الباب 6: معجزاته في استجابة دعائه في إحياء الموتى والتكلم معهم وشفاء المرضى وغيرها زائدا عما تقدم في باب الجوامع 1
3 الباب 7: وهو من الباب الأول وفيه ما ظهر من إعجازه صلى الله عليه وآله في بركة أعضائه الشريفة وتكثير الطعام والشراب 23
4 الباب 8: معجزاته صلى الله عليه وآله في كفاية شر الأعداء 45
5 الباب 9: معجزاته صلى الله عليه وآله في استيلائه على الجن والشياطين وإيمان بعض الجن 76
6 الباب 10: وهو من الباب الأول في الهواتف من الجن وغيرهم بنبوته صلى الله عليه وآله 91
7 الباب 11: معجزاته في إخباره صلى الله عليه وآله بالمغيبات، وفيه كثير مما يتعلق بباب إعجاز القرآن 105
8 الباب 12: فيما أخبر بوقوعه بعده صلى الله عليه وآله 144
9 * أبواب أحواله صلى الله عليه وآله من البعثة إلى نزول المدينة * الباب 1: المبعث وإظهار الدعوة وما لقي صلى الله عليه وآله من القوم وما جرى بينه وبينهم وجمل أحواله إلى دخول الشعب وفيه إسلام حمزة رضي الله عنه وأحوال كثير من أصحابه وأهل زمانه 148
10 الباب 2: في كيفية صدور الوحي ونزول جبرئيل عليه السلام وعلة احتباس الوحي، وبيان أنه صلى الله عليه وآله هل كان قبل البعثة متعبدا بشريعة أم لا 244
11 الباب 3: إثبات المعراج ومعناه وكيفيته وصفته وما جرى فيه ووصف البراق 282
12 الباب 4: الهجرة إلى الحبشة وذكر بعض أحوال جعفر والنجاشي رحمهما الله 410