بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٨ - الصفحة ٢٦٩
قال: نزلت هذه الآية على النبي (صلى الله عليه وآله) وأنا عنده، قال: مررت عليه وهو بفناء بابه فجلست إليه، فبينا هو يحدثني إذ رأيت بصره شاخصا إلى السماء حتى رأيت طرفه قد انقطع، ثم رأيته خفضه حتى وضعه عن يمينه، ثم ولاني ركبته وجعل ينفض برأسه كأنه الهم شيئا فقال: ثم رأيته أيضا رفع طرفة إلى السماء، ثم خفضه عن شماله ثم أقبل إلي محمر الوجه يفيض عرقا (1)، فقلت: يا رسول الله ما رأيتك فعلت الذي فعلت اليوم!؟ ما حالك قال: ولقد رأيته؟ قلت: نعم، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ذاك جبرئيل لم يكن لي همة غيره، ثم تلا عليه الآيتين، قال عثمان: فقمت من عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) معجبا بالذي رأيت، فأتيت أبا طالب - رضي الله عنه - فقرأتهما عليه فعجب أبو طالب، وقال: يا آل غالب اتبعوه.
ترشدوا وتفلحوا، فوالله ما يدعو إلا إلى المكارم الأخلاق، لئن كان صادقا أو كاذبا (2) ما يدعو إلا إلى الخير.
قال السيد: ورأيت في غير هذا التفسير أن هذا العبد الصالح قال: كان أول إسلامي

(1) ظاهر الحديث ينافي ما مر من أن تلك الحالة كانت عند مخاطبة الله عز وجل إياه بلا ترجمان وواسطة، وأما جبرئيل فكان لم يدخل عليه حتى يستأذنه وكان يقعد بين يديه قعدة العبد، ولعله يحمل تلك الحالة بالغشية فقط أو يحمل هذا الحديث بابتداء النبوة ونزول الوحي، وأما بعده فيقال بمضمون ما تقدم من الاخبار، أو وقعت زيادة في الحديث. إذ الطبرسي رواه في مجمع البيان وألفاظه يغاير ذلك، قال: وجاءت الرواية أن عثمان بن مظعون قال أسلمت استحياء من رسول الله (صلى الله عليه وآله) لكثرة ما كان يعرض على الاسلام، ولم يقر الاسلام في قلبي، فكنت ذات يوم عنده حال تأمله فشخص بصره نحو السماء كأنه يستفهم شيئا، فلما سرى عنه سألته عن حاله، فقال نعم بينا أنا أحدثك إذ رأيت جبرئيل في الهواء فأتاني بهذه الآية: " إن الله يأمر بالعدل والاحسان " وقرأها على إلى آخرها، فقر الاسلام في قلبي: وأتيت عمه أبا طالب فأخبرته فقال يا آل قريش اتبعوا محمدا ترشدوا، فإنه لا يأمركم الا بمكارم الأخلاق، وأتيت الوليد بن المغيرة وقرأت عليه هذه الآية فقال: إن كان محمد قاله فنعم ما قال، وان قال ربه فنعم ما قال: قال فأنزل الله: " أفرأيت الذي تولى وأعطى قليلا وأكدى " يعنى قوله فنعم ما قال، ومعنى قوله: " واكدى " انه لم يقم على ما قاله وقطعه.
(2) ذلك مبالغة يريد أن دعوته (صلى الله عليه وآله) لا تكون لكم الا الخير والرشاد، يقال نحو ذلك فيمن قطع على صدقه وجزم بسداده.
(٢٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 264 265 266 267 268 269 270 271 272 273 274 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 الباب 6: معجزاته في استجابة دعائه في إحياء الموتى والتكلم معهم وشفاء المرضى وغيرها زائدا عما تقدم في باب الجوامع 1
3 الباب 7: وهو من الباب الأول وفيه ما ظهر من إعجازه صلى الله عليه وآله في بركة أعضائه الشريفة وتكثير الطعام والشراب 23
4 الباب 8: معجزاته صلى الله عليه وآله في كفاية شر الأعداء 45
5 الباب 9: معجزاته صلى الله عليه وآله في استيلائه على الجن والشياطين وإيمان بعض الجن 76
6 الباب 10: وهو من الباب الأول في الهواتف من الجن وغيرهم بنبوته صلى الله عليه وآله 91
7 الباب 11: معجزاته في إخباره صلى الله عليه وآله بالمغيبات، وفيه كثير مما يتعلق بباب إعجاز القرآن 105
8 الباب 12: فيما أخبر بوقوعه بعده صلى الله عليه وآله 144
9 * أبواب أحواله صلى الله عليه وآله من البعثة إلى نزول المدينة * الباب 1: المبعث وإظهار الدعوة وما لقي صلى الله عليه وآله من القوم وما جرى بينه وبينهم وجمل أحواله إلى دخول الشعب وفيه إسلام حمزة رضي الله عنه وأحوال كثير من أصحابه وأهل زمانه 148
10 الباب 2: في كيفية صدور الوحي ونزول جبرئيل عليه السلام وعلة احتباس الوحي، وبيان أنه صلى الله عليه وآله هل كان قبل البعثة متعبدا بشريعة أم لا 244
11 الباب 3: إثبات المعراج ومعناه وكيفيته وصفته وما جرى فيه ووصف البراق 282
12 الباب 4: الهجرة إلى الحبشة وذكر بعض أحوال جعفر والنجاشي رحمهما الله 410