ليتلوه على الناس، وهذا الجمع مؤيد بالاخبار، ويمكن الجمع بوجوه أخر سيأتي تحقيقها في باب ليلة القدر وغيره، فقوله رحمه الله: إن الله تعالى أعطى نبيه (صلى الله عليه وآله) العلم جملة لا يعني به أنه أعطاه بمحض النزول إلى البيت المعمور ليرد عليه ما أورده رحمه الله، ولا أن المراد بالنزول إلى البيت المعمور أنه علمه النبي (صلى الله عليه وآله)، وهذا منه رحمه الله غريب، وأما اللوح الذي ذكره أولا أنه يضرب جبين إسرافيل (عليه السلام) فيحتمل أن يكون المراد به اللوح المحفوظ، ويكون ذلك عند أول النزول إلى البيت المعمور، أو يكون المراد اللوح الذي ثبت فيه القرآن في السماء الرابعة، ولعله بعد نظر إسرافيل في اللوح على الوجهين يجد فيه علامة يعرف بها مقدار ما يلزمه إنزالها، أو يكون لوحا آخر ينقش فيه شئ فشئ عند إرادة الوحي، ولا ينافي انتقاش الأشياء فيه كونه ملكا كما اعترض عليه المفيد رحمه الله وإن كان بعيدا.
3 - تفسير علي بن إبراهيم: " وما كان لبشر أن يكلمه الله " الآية، قال: وحي مشافهة، ووحي إلهام، وهو الذي يقع في القلب " أو من وراء حجاب " كما كلم الله نبيه (صلى الله عليه وآله)، وكما كلم الله موسى (عليه السلام) من النار " أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء " قال: وحي مشافهة يعني إلى الناس، ثم قال لنبيه (صلى الله عليه وآله): " وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الايمان " قال: روح القدس، هي التي قال الصادق (عليه السلام) في قوله:
" ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي (1) " قال: هو ملك أعظم من جبرئيل وميكائيل، كان مع رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وهو مع الأئمة (2).
أقول: سيأتي في تفسير النعماني عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: وأما تفسير وحي النبوة والرسالة فهو قوله تعالى: " إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل (3) " إلى آخر الآية، وأما وحي الالهام فهو قوله عز وجل: " وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما