الكلام، شبه ذلك بالوحي لخفائه عمن سوى المخاطبين، ولستره عمن سواهم، وقد يري الله في المنام خلقا كثيرا ما يصح تأويله ويثبت حقه، لكنه لا يطلق - بعد استقرار الشريعة - عليه اسم الوحي، ولا يقال في هذا الوقت لمن طبعه الله (1) على علم تفسير العياشي: إنه يوحى إليه وعندنا أن الله تعالى يسمع الحجج بعد نبيه صلى الله عليهم كلاما يلقيه إليهم في علم ما يكون، لكنه لا يطلق عليه اسم الوحي، لما قدمناه من إجماع المسلمين على أنه لا وحي لاحد بعد نبينا، وإنه لا يقال في شئ مما ذكرنا: إنه أوحى إلى أحد، ولله تعالى أن يبيح إطلاق الكلام أحيانا، ويحظره أحيانا، ويمنع السمات بشئ حينا ويطلقها حينا، وأما المعاني فإنها لا تتغير عن حقائقها على ما قدمناه، وأما الوحي من الله تعالى إلى نبيه فقد كان تارة بإسماعه الكلام من غير واسطة، وتارة بإسماعه الكلام على ألسن الملائكة والذي ذكره أبو جعفر - رحمه الله - من اللوح والقلم وما يثبت فيه فقد جاء به حديث إلا أنا لا نعزم على القول به، ولا نقطع على الله بصحته، ولا نشهد منه إلا بما علمناه، وليس الخبر به متواتر يقطع العذر، ولا عليه إجماع، ولا نطق القرآن به، ولا ثبت عن حجة الله تعالى فينقاد له، والوجه أن نقف فيه ونجوزه ولا نقطع به ولا نرده، ونجعله في حيز الممكن فأما قطع أبي جعفر به وعلمه على اعتقاده فهو مستند إلى ضرب من التقليد، ولسنا من التقليد في شئ (2).
3 - العقائد: الاعتقاد في نزول القرآن: اعتقادنا في ذلك أن القرآن نزل في شهر رمضان في ليلة القدر جملة واحدة إلى البيت المعمور، ثم نزل من البيت المعمور في مدة عشرين سنة، وأن الله تبارك وتعالى أعطى نبيه العلم جملة واحدة، ثم قال له: " ولا تعجل بالقرآن