بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٨ - الصفحة ٢٤٩
على الستر له عن غيره، والتخصيص له به دون من سواه، وإذا أضيف إلى الله تعالى كان فيما يخص به الرسل صلى الله عليهم خاصة دون من سواهم (1) على عرف الاسلام و شريعة النبي (صلى الله عليه وآله)، قال الله تعالى: " وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه (2) " الآية، فاتفق أهل الاسلام على أن الوحي كان رؤيا مناما وكلاما (3) سمعته أم موسى على الاختصاص وقال تعالى: " وأوحى ربك إلى النحل (4) " الآية، يريد به الالهام الخفي إذ كان خالصا لمن أفرده (5) دون من سواه، فكان علمه حاصلا للنحل بغير كلام جهر به المتكلم فأسمعه غيره، وقال تعالى: " وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم (6) " بمعنى يوسوسون إلى أوليائهم بما يلقونه من الكلام في أقصى أسماعهم، فيخصون بعلمهم دون من سواهم، وقال: " فخرج على قومه من المحراب فأوحى إليهم (7) " يريد به أشار إليهم من غير إفصاح

(١) اعلم أن الوحي قد يطلق ويراد به الكلمة المقدسة الإلهية التي تلقى إلى أنبياء الله و رسله صلواته عليهم في بيان شرائع الله وأحكامه، اما بتبليغ ملك يتمثل لهم فيروه، كتمثل جبرئيل كثيرا لنبينا صلوات الله عليه، أو يلقيها في روعهم بلا مشاهدة، كقوله تعالى: " نزل به الروح الأمين * على قلبك " وقوله (صلى الله عليه وآله): " إن روح القدس نفث في روعى " أو بلا واسطة ملك باسماع الله تعالى نبيه تلك الكلمة، أو القائه في روعه، والهامه إليه، كل ذلك إما في حال اليقظة أو النوم، والوحي بهذا المعنى يختص بالأنبياء عليهم السلام ولا يعم غيرهم، وقد يراد به تلك الكلمة لكن في غير موضع الشرائع والاحكام، بالالقاء في الروع والالهام، وذلك المعنى يعم الأنبياء عليهم السلام وغيرهم، كما قال الله تعالى: " وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه " وقد يطلق ويراد به التسخير وذلك في غير ذوي العقول كقوله تعالى: " وأوحى ربك إلى النحل " وقوله: " بان ربك أوحى لها " كما يطلق ويراد به الوسواس كقوله تعالى: " ان الشياطين ليوحون إلى أوليائهم " وذلك يختص بالشياطين ولا يضاف الا إليهم، وسيأتي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) الايعاز إلى معان أخر عن قريب.
(٢) القصص: ٧.
(٣) في المصدر: أو كلاما.
(٤) النحل: ٦٧.
(٥) في المصدر: إذا كان خاصا بمن أفرده.
(٦) الانعام: ١٢١.
(٧) مريم: ١١.
(٢٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 244 245 246 247 248 249 250 251 252 253 254 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 الباب 6: معجزاته في استجابة دعائه في إحياء الموتى والتكلم معهم وشفاء المرضى وغيرها زائدا عما تقدم في باب الجوامع 1
3 الباب 7: وهو من الباب الأول وفيه ما ظهر من إعجازه صلى الله عليه وآله في بركة أعضائه الشريفة وتكثير الطعام والشراب 23
4 الباب 8: معجزاته صلى الله عليه وآله في كفاية شر الأعداء 45
5 الباب 9: معجزاته صلى الله عليه وآله في استيلائه على الجن والشياطين وإيمان بعض الجن 76
6 الباب 10: وهو من الباب الأول في الهواتف من الجن وغيرهم بنبوته صلى الله عليه وآله 91
7 الباب 11: معجزاته في إخباره صلى الله عليه وآله بالمغيبات، وفيه كثير مما يتعلق بباب إعجاز القرآن 105
8 الباب 12: فيما أخبر بوقوعه بعده صلى الله عليه وآله 144
9 * أبواب أحواله صلى الله عليه وآله من البعثة إلى نزول المدينة * الباب 1: المبعث وإظهار الدعوة وما لقي صلى الله عليه وآله من القوم وما جرى بينه وبينهم وجمل أحواله إلى دخول الشعب وفيه إسلام حمزة رضي الله عنه وأحوال كثير من أصحابه وأهل زمانه 148
10 الباب 2: في كيفية صدور الوحي ونزول جبرئيل عليه السلام وعلة احتباس الوحي، وبيان أنه صلى الله عليه وآله هل كان قبل البعثة متعبدا بشريعة أم لا 244
11 الباب 3: إثبات المعراج ومعناه وكيفيته وصفته وما جرى فيه ووصف البراق 282
12 الباب 4: الهجرة إلى الحبشة وذكر بعض أحوال جعفر والنجاشي رحمهما الله 410