من قبل أن يقضى إليك وحيه (1) " وقال عز وجل: " لا تحرك به لسانك لتعجل به (2) " إلى قوله: " بيانه " (3).
بيان: قال الشيخ المفيد - رحمه الله - الذي ذهب إليه أبو جعفر في هذا الباب أصله حديث واحد لا يوجب علما ولا عملا، ونزول القرآن على الأسباب الحادثة حالا بحال يدل على خلاف ما تضمنه الحديث، وذلك أنه قد تضمن حكم ما حدث، وذكر ما جرى على وجهه، وذلك لا يكون على الحقيقة إلا بحدوثه عند السبب، ألا ترى إلى قوله تعالى: " و قالوا (4) قلوبنا غلف بل طبع الله عليها بكفرهم " وقوله: " وقالوا لو شاء الرحمان ما عبدناهم مالهم بذلك من علم (5) " وهذا خبر عن ماض، ولا يجوز أن يتقدم مخبره، فيكون حينئذ خبرا عن ماض وهو لم يقع، بل هو في المستقبل، وأمثال ذلك في القرآن كثيرة، وقد جاء الخبر بذكر الظهار وسببه، وأنه لما جادلت النبي (صلى الله عليه وآله) في ذكر الظهار أنزل الله تعالى " قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها (6) " وهذه قصة كانت بالمدينة، فكيف ينزل الله تعالى الوحي بها بمكة قبل الهجرة، فيخبر أنها قد كانت ولم تكن، ولو تتبعنا قصص القرآن لجاء مما ذكرناه كثيرا ينسد (7) به المقال، وفيما ذكرنا منه كفاية لذوي الألباب، وما أشبه ما جاء به من الحديث بمذهب المشبهة الذين زعموا أن الله تعالى لم يزل متكلما بالقرآن ومخبرا عما يكون بلفظ كان، وقد رد عليهم أهل التوحيد بنحو ما