الكلبي، قالت قريش: يا محمد تخبرنا عن موسى وعيسى وعاد وثمود فأت بآية حتى نصدقك، فقال (صلى الله عليه وآله): أي شئ تحبون أن آتيكم به؟ قالوا: اجعل لنا الصفا ذهبا، وابعث لنا بعض موتانا حتى نسألهم عنك، وأرنا الملائكة يشهدون لك، أو ائتا بالله والملائكة قبيلا، فقال (صلى الله عليه وآله): فإن فعلت بعض ما تقولون أتصدقوني؟ قالوا: والله لئن فعلت (1) لنتبعنك أجمعين، فقام (صلى الله عليه وآله) يدعو أن يجعل الصفا ذهبا، فجاءه جبرئيل (عليه السلام) فقال: إن شئت أصبح الصفا ذهبا، ولكن إن لم يصدقوا عذبتهم، وإن شئت تركتهم حتى يتوب تائبهم، فقال (صلى الله عليه وآله): بل يتوب تائبهم، فنزل: " وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءهم نذير (2) ".
وروي أن قريشا كانوا يلعنون اليهود والنصارى بتكذيبهم الأنبياء، ولو أتاهم نبي لنصروه، فلما بعث الله النبي (صلى الله عليه وآله) كذبوه، فنزلت هذه الآية، وكانوا يشيرون إليه بالأصابع بما حكى الله عنهم: وإذا رأوك " إن يتخذونك إلا هزوا (3) " يقول بعضهم لبعض: " أهذا الذي يذكر آلهتكم " وذلك قوله: إنها جماد لا تنفع ولا تضر " وهم بذكر الرحمان هم كافرون " ومشش أبي بن خلف بعظم رميم ففته في يده ثم نفخه فقال: أتزعم أن ربك يحيي هذا بعد ما ترى؟ فنزل " وضرب لنا مثلا (4) " السورة.
وذكروا أنه كان إذا قدم على النبي (صلى الله عليه وآله) وفد ليعلموا علمه انطلقوا بأبي لهب إليهم وقالوا له: أخبر عن ابن أخيك، فكان يطعن في النبي (صلى الله عليه وآله)، وقال الباطل، وقال:
إنا لم نزل نعالجه من الجنون، فيرجع القوم ولا يلقونه.
طارق المحاربي: رأيت النبي (صلى الله عليه وآله) في سويقة ذي المجاز عليه حلة حمراء وهو يقول:
" يا أيها الناس قولوا لا إله إلا الله تفلحوا " وأبو لهب يتبعه ويرميه بالحجارة وقد أدمى كعبه وعرقوبيه (5)، وهو يقول: يا أيها الناس لا تطيعوه فإنه كذاب (6).