بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٨ - الصفحة ١٩٧
خديجة: وما هذا النور؟ قال: هذا نور النبوة، قولي: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، فقالت طال ما قد عرفت ذلك، ثم أسلمت، فقال: يا خديجة إني لأجد بردا، فدثرت عليه فنام فنودي: " يا أيها المدثر " الآية، فقام وجعل إصبعه في اذنه وقال: الله أكبر، الله أكبر فكان كل موجود يسمعه يوافقه.
وروي أنه لما نزل قوله: " وأنذر عشيرتك الأقربين (1) " صعد رسول الله ذات يوم الصفا فقال: يا صباحاه (2)، فاجتمعت إليه قريش فقالوا: مالك؟ قال: أرأيتكم إن أخبرتكم أن العدو مصبحكم أو ممسيكم ما كنتم تصدقونني؟ قالوا: بلى، قال: فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد، فقال أبو لهب: تبا لك ألهذا دعوتنا؟! فنزلت سورة تبت (3).
قتادة: إنه خطب ثم قال: " أيها الناس إن الرائد لا يكذب أهله، ولو كنت كاذبا لما كذبتكم، والله الذي لا إله إلا هو إني رسول الله إليكم حقا خاصة، وإلى الناس عامة والله لتموتون كما تنامون، ولتبعثون كما تستيقظون، ولتحاسبون كما تعملون، و لتجزون بالاحسان إحسانا، وبالسوء سوءا، وإنها الجنة أبدا، والنار أبدا وإنكم أول من أنذرتم " ثم فتر الوحي فجزع لذلك النبي (صلى الله عليه وآله) جزعا شديدا، فقالت له خديجة:
لقد قلاك (4) ربك، فنزل سورة الضحى (5)، فقال لجبرئيل: ما يمنعك أن تزورنا في كل

(١) تقدم الايعاز إلى موضع الآية وغيرها في صدر الباب.
(٢) قال الجزري في النهاية 2: 271: فيه لما نزلت " وأنذر عشيرتك الأقربين " صعد على الصفا وقال: يا صباحاه، هذه كلمة يقولها المستغيث، وأصلها إذا صاحوا للغارة، لأنهم أكثر ما كانوا يغيرون عند الصباح، ويسمون يوم الغارة يوم الصباح، فكأن القائل: يا صباحاه يقول:
قد غشينا العدو، وقيل: إن المتقاتلين كانوا إذا جاء الليل يرجعون عن القتال، فإذا عاد النهار عاودوه، فكأنه يريد بقوله: يا صباحاه قد جاء وقت الصباح فتأهبوا للقتال.
(3) سورة: 111.
(4) لم نظفر في غير ذلك الطريق أن يسند ذلك إلى خديجة عليها سلام الله. والمذكور في مجمع البيان وغيره في نزول الآية إسناد ذلك القول إلى المشركين، وفى بعض الروايات إلى أم جميل امرأة أبى لهب، والمعلوم من حال خديجة أنها كانت من المصدقين له (صلى الله عليه وآله) من أول يوم، وكانت تراعى نهاية الأدب في تكليمها معه وعشرتها إياه (صلى الله عليه وآله)، فالنسبة غير خالية عن البعد والغرابة فتأمل.
(5) سورة: 93.
(١٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 الباب 6: معجزاته في استجابة دعائه في إحياء الموتى والتكلم معهم وشفاء المرضى وغيرها زائدا عما تقدم في باب الجوامع 1
3 الباب 7: وهو من الباب الأول وفيه ما ظهر من إعجازه صلى الله عليه وآله في بركة أعضائه الشريفة وتكثير الطعام والشراب 23
4 الباب 8: معجزاته صلى الله عليه وآله في كفاية شر الأعداء 45
5 الباب 9: معجزاته صلى الله عليه وآله في استيلائه على الجن والشياطين وإيمان بعض الجن 76
6 الباب 10: وهو من الباب الأول في الهواتف من الجن وغيرهم بنبوته صلى الله عليه وآله 91
7 الباب 11: معجزاته في إخباره صلى الله عليه وآله بالمغيبات، وفيه كثير مما يتعلق بباب إعجاز القرآن 105
8 الباب 12: فيما أخبر بوقوعه بعده صلى الله عليه وآله 144
9 * أبواب أحواله صلى الله عليه وآله من البعثة إلى نزول المدينة * الباب 1: المبعث وإظهار الدعوة وما لقي صلى الله عليه وآله من القوم وما جرى بينه وبينهم وجمل أحواله إلى دخول الشعب وفيه إسلام حمزة رضي الله عنه وأحوال كثير من أصحابه وأهل زمانه 148
10 الباب 2: في كيفية صدور الوحي ونزول جبرئيل عليه السلام وعلة احتباس الوحي، وبيان أنه صلى الله عليه وآله هل كان قبل البعثة متعبدا بشريعة أم لا 244
11 الباب 3: إثبات المعراج ومعناه وكيفيته وصفته وما جرى فيه ووصف البراق 282
12 الباب 4: الهجرة إلى الحبشة وذكر بعض أحوال جعفر والنجاشي رحمهما الله 410