فائدة: قال السيد المرتضى قدس الله روحه: إن سأل سائل فقال: بم تدفعون من خالفكم في الاستطاعة وزعم أن المكلف يؤمر بما لا يقدر عليه ولا يستطيعه إذا تعلق بقوله تعالى: " انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا " (1) فإن الظاهر من هذه الآية يوجب أنهم غير مستطيعين للامر الذي هم غير فاعلين له، وأن القدرة مع الفعل; وإذا تعلق بقوله تعالى في قصة موسى: " إنك لن تستطيع معي صبرا " (2) وأنه نفى أن يكون قادرا على الصبر في حال هو فيها غير صابر، وهذا يوجب أن القدرة مع الفعل; وبقوله تعالى: " ما كانوا يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون "؟. (3) يقال له: أول ما نقوله: إن المخالف لنا في هذا الباب من الاستطاعة لا يصح له فيه التعلق بالسمع، لان مذهبه لا تسلم معه صحة السمع، ولا يتمكن مع المقام عليه من معرفة السمع بأدلته، وإنما قلنا ذلك لان من جوز تكليف الله تعالى الكافر بالايمان وهو لا يقدر عليه لا يمكنه العلم بنفي القبائح عن الله عز وجل، وإذا لم يمكنه ذلك فلابد من أن يلزمه تجويز القبائح على الله في أفعاله وأخباره، ولا يأمن من أن يرسل كذابا، وأن يخبرهم بالكذب، تعالى عن ذلك، فالسمع إن كان كلامه قدح في حجته تجويز الكذب عليه، وإن كان كلام رسوله قدح فيه ما يلزمه من تجويز تصديق الكذاب، وإنما طرق ذلك تجويز بعض القبائح عليه، وليس لهم أن يقولوا: إن أمره تعالى الكافر بالايمان وإن لم يقدر عليه يحسن من حيث أتى الكافر فيه من قبل نفسه لأنه تشاغل بالكفر فترك الايمان، وإنما كان يبطل تعلقنا بالسمع لو أضفنا ذلك إليه تعالى على وجه يقبح، وذلك لان ما قالوه إذا لم يؤثر في كون ما ذكرناه تكليفا لما لا يطاق لم يؤثر في نفي ما ألزمناه عنهم لأنه يلزم على ذلك أن يفعل الكذب وسائر القبائح وتكون حسنة منه بأن يفعلها من وجه لا يقبح منه، وليس قولهم: إنا لم نضفه إليه من وجه يقبح بشئ يعتمد، بل يجري مجرى قول من جوز عليه أن يكذب ويكون الكذب منه حسنا، ويدعي مع ذلك صحة معرفة السمع بأن يقول: إنني لم أضف إليه قبيحا فيلزمني إفساد
(٦١)