بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥ - الصفحة ٥٠
المتكلفين. فأنزل الله تبارك وتعالى: يا محمد " ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا " على سبيل الالجاء والاضطرار في الدنيا، كما يؤمنون عند المعاينة ورؤية البأس في الآخرة، ولو فعلت ذلك بهم لم يستحقوا مني ثوابا ولا مدحا لكني أريد منهم أن يؤمنوا مختارين غير مضطرين، ليستحقوا مني الزلفى والكرامة ودوام الخلود في جنة الخلد، " أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين " وأما قوله عز وجل: " وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله " فليس ذلك على سبيل تحريم الايمان عليها، ولكن على معنى أنها ما كانت لتؤمن إلا بإذن الله، وإذنه أمره لها بالايمان، ما كانت مكلفة متعبدة وإلجاؤه إياها إلى الايمان عن زوال التكليف والتعبد عنها، فقال المأمون: فرجت عني يا أبا الحسن فرج الله عنك " ص 352 - 353 " بيان: قال الطبرسي رحمه الله في قوله تعالى: " ولو شاء ربك ": (1) معناه الاخبار عن قدرة الله تعالى، وأنه يقدر على أن يكره الخلق على الايمان كما قال: " إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين " (2) ولذلك قال بعد ذلك: " أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين " ومعناه أنه لا ينبغي أن تريد إكراههم على الايمان، مع أنك لا تقدر عليه لان الله تعالى يقدر عليه ولا يريده لأنه ينافي التكليف; وقوله تعالى:
" وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله " معناه أنه لا يمكن أحدا أن يؤمن إلا بإطلاق الله له في الايمان، وتمكينه منه، ودعائه إليه بما خلق فيه من العقل الموجب لذلك; وقيل: إن إذنه ههنا أمره كما قال: " يا أيها الناس قد جائكم الرسول بالحق من ربكم فآمنوا خيرا لكم " (3) وقيل: إن إذنه ههنا علمه، أي لا تؤمن نفس إلا بعلم الله، من قولهم: أذنت لكذا: إذا سمعته وعلمته، وآذنته: أعلمته، فتكون خبرا عن علمه تعالى بجميع الكائنات، ويجوز أن يكون معناه إعلام الله تعالى المكلفين بفضل الايمان وما يدعوهم إلى فعله ويبعثهم عليه.

(٥٠)
مفاتيح البحث: الكراهية، المكروه (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 خطبة الكتاب 1
3 * أبواب العدل * باب 1 نفي الظلم والجور عنه تعالى، وإبطال الجبر والتفويض، وإثبات الأمر بين الأمرين، وإثبات الاختيار والاستطاعة، وفيه 112 حديثا. 2
4 باب 2 آخر وهو من الباب الأول، وفيه حديث. 68
5 باب 3 القضاء والقدر، والمشية والإرادة، وسائر أبواب الفعل، وفيه 79 حديثا. 84
6 باب 4 الآجال، وفيه 14 حديثا. 136
7 باب 5 الأرزاق والأسعار، وفيه 13 حديثا. 143
8 باب 6 السعادة والشقاوة، والخير والشر، وخالقهما ومقدرهما، وفيه 23 حديثا. 152
9 باب 7 الهداية والإضلال والتوفيق والخذلان، وفيه 50 حديثا. 162
10 باب 8 التمحيص والاستدراج، والابتلاء والاختبار، وفيه 18 حديثا. 210
11 باب 9 أن المعرفة منه تعالى، وفيه 13 حديثا. 220
12 باب 10 الطينة والميثاق، وفيه 67 حديثا. 225
13 باب 11 من لا ينجبون من الناس، ومحاسن الخلقة وعيوبها اللتين تؤثران في الخلق، وفيه 15 حديثا. 276
14 باب 12 علة عذاب الاستيصال، وحال ولد الزنا، وعلة اختلاف أحوال الخلق، وفيه 14 حديثا. 281
15 باب 13 الأطفال ومن لم يتم عليهم الحجة في الدنيا، وفيه 22 حديثا. 288
16 باب 14 من رفع عنه القلم، ونفي الحرج في الدين، وشرائط صحة التكليف، وما يعذر فيه الجاهل، وأنه يلزم على الله التعريف وفيه 29 حديثا. 298
17 باب 15 علة خلق العباد وتكليفهم، والعلة التي من أجلها جعل الله في الدنيا اللذات والآلام والمحن، وفيه 18 حديثا. 309
18 باب 16 عموم التكاليف، وفيه ثلاثة أحاديث. 318
19 باب 17 أن الملائكة يكتبون أعمال العباد، وفيه 35 حديثا. 319
20 باب 18 الوعد والوعيد، والحبط والتكفير، وفيه حديثان. 331