بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥ - الصفحة ٦٤
وأما قوله تعالى: " ما كانوا يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون " فلا تعلق لهم بظاهره، لان السمع ليس بمعنى فيكون مقدورا، لان الادراك على المذهب الصحيح ليس بمعنى، ولو ثبت أنه معنى على ما يقوله أبو علي لكان أيضا غير مقدور للعبد من حيث اختص القديم تعالى بالقدرة عليه. هذا إن أريد بالسمع الادراك، وإن أريد به نفس الحاسة فهي أيضا غير مقدورة للعباد لان الجواهر وما تختص به الحواس من البينة والمعاني ليصح به الادراك مما ينفرد القديم تعالى بالقدرة عليه (1) فالظاهر لا حجة لهم فيه.
فإن قالوا: ولعل المراد بالسمع كونهم سامعين، كأنه نفى عنهم استطاعة أن يسمعوا. قلنا: هذا خلاف الظاهر، ولو ثبت أن المراد ذلك لحملنا نفي الاستطاعة ههنا على ما تقدم ذكره من الاستثقال وشدة المشقة كما يقول القائل: فلان لا يستطيع أن يراني، ولا يقدر على أن يكلمني، وما أشبه ذلك، وهذا بين لمن تأمله. (2) وقال رضي الله عنه: إن سأل سائل عن قوله تعالى: " قال أتعبدون ما تنحتون والله خلقكم وما تعملون " (3) فقال: أليس ظاهر هذا القول يقتضي أنه خالق لاعمال العباد؟
لان " ما " ههنا بمعنى " الذي " فكأنه قال: خلقكم وخلق أعمالكم.
قلنا: قد حمل أهل الحق هذه الآية على أن المراد بقوله: وما تعملون أي وما تعملون فيه من الحجارة والخشب وغيرهما مما كانوا يتخذونه أصناما ويعبدونها، قالوا:
وغير منكر أن يريد بقوله: وما تعملون ذلك، كما أنه قد أراد ما ذكرناه بقوله: " أتعبدون ما تنحتون " لأنه لم يرد أنكم تعبدون نحتكم الذي هو فعل لكم بل أراد ما تفعلون فيه النحت، كما قال تعالى في عصا موسى عليه السلام: " تلقف ما يأفكون، (4) " وتلقف ما

(١) هكذا في النسخ ولكن الصحيح كما في الأمالي المطبوع: لا يصح بها الادراك فإنه مما ينفرد به القديم تعالى بالقدرة عليه.
(٢) يوجد ذلك كله في كتابه الأمالي المسمى بالغرر، في ج ٤ ص ٧١ - ٧٤ ويوجد بعده في ص ١٤٣ - ١٤٦ من هذا المجلد.
(٣) الصافات: ٩٤ و ٩٥.
(٤) الأعراف: ١١٧.
(٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 خطبة الكتاب 1
3 * أبواب العدل * باب 1 نفي الظلم والجور عنه تعالى، وإبطال الجبر والتفويض، وإثبات الأمر بين الأمرين، وإثبات الاختيار والاستطاعة، وفيه 112 حديثا. 2
4 باب 2 آخر وهو من الباب الأول، وفيه حديث. 68
5 باب 3 القضاء والقدر، والمشية والإرادة، وسائر أبواب الفعل، وفيه 79 حديثا. 84
6 باب 4 الآجال، وفيه 14 حديثا. 136
7 باب 5 الأرزاق والأسعار، وفيه 13 حديثا. 143
8 باب 6 السعادة والشقاوة، والخير والشر، وخالقهما ومقدرهما، وفيه 23 حديثا. 152
9 باب 7 الهداية والإضلال والتوفيق والخذلان، وفيه 50 حديثا. 162
10 باب 8 التمحيص والاستدراج، والابتلاء والاختبار، وفيه 18 حديثا. 210
11 باب 9 أن المعرفة منه تعالى، وفيه 13 حديثا. 220
12 باب 10 الطينة والميثاق، وفيه 67 حديثا. 225
13 باب 11 من لا ينجبون من الناس، ومحاسن الخلقة وعيوبها اللتين تؤثران في الخلق، وفيه 15 حديثا. 276
14 باب 12 علة عذاب الاستيصال، وحال ولد الزنا، وعلة اختلاف أحوال الخلق، وفيه 14 حديثا. 281
15 باب 13 الأطفال ومن لم يتم عليهم الحجة في الدنيا، وفيه 22 حديثا. 288
16 باب 14 من رفع عنه القلم، ونفي الحرج في الدين، وشرائط صحة التكليف، وما يعذر فيه الجاهل، وأنه يلزم على الله التعريف وفيه 29 حديثا. 298
17 باب 15 علة خلق العباد وتكليفهم، والعلة التي من أجلها جعل الله في الدنيا اللذات والآلام والمحن، وفيه 18 حديثا. 309
18 باب 16 عموم التكاليف، وفيه ثلاثة أحاديث. 318
19 باب 17 أن الملائكة يكتبون أعمال العباد، وفيه 35 حديثا. 319
20 باب 18 الوعد والوعيد، والحبط والتكفير، وفيه حديثان. 331