بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥ - الصفحة ٧٢
إلى الجبر فقد ظلم الله، ونسبه إلى الجور والعدوان، إذ أوجب على من أجبر العقوبة، ومن زعم أن الله أجبر العباد فقد أوجب على قياس قوله أن الله يدفع عنهم العقوبة، ومن زعم أن الله يدفع عن أهل المعاصي العذاب فقد كذب الله في وعيده، حيث يقول: " بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون " وقوله:
" إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا " وقوله: " إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارا كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب إن الله كان عزيزا حكيما " مع آي كثيرة في هذا الفن، فمن كذب وعيد الله يلزمه في تكذيبه آية من كتاب الله الكفر، وهو ممن قال الله: " أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيمة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما يعملون " بل نقول: إن الله عز وجل جازي العباد على أعمالهم، ويعاقبهم على أفعالهم بالاستطاعة التي ملكهم إياها فأمرهم ونهاهم، بذلك ونطق كتابه " من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها وهم لا يظلمون " وقال جل ذكره: " يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا ويحذركم الله نفسه " وقال: " اليوم تجزى كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم " فهذه آيات محكمات تنفي الجبر ومن دان به، ومثلها في القرآن كثير، اختصرنا ذلك لئلا يطول الكتاب، وبالله التوفيق.
فأما التفويض الذي أبطله الصادق عليه السلام وخطأ من دان به وتقلده فهو قول القائل: إن الله جل ذكره فوض إلى العباد اختيار أمره ونهيه وأهملهم، وفي هذا كلام دقيق لمن يذهب إلى تحريره ودقته، وإلى هذا ذهبت الأئمة المهتدية من عترة الرسول عليهم السلام، فإنهم قالوا لو فوض إليهم على جهة الاهمال لكان لازما له رضى ما اختاروه، واستوجبوا به الثواب، ولم يكن عليهم فيما جنوه العقاب إذا كان الاهمال واقعا، وتنصرف هذه المقالة على معنيين: إما أن يكون العباد تظاهروا عليه فألزموه قبول اختيارهم بآرائهم ضرورة، كره ذلك أم أحب، فقد لزمه الوهن، أو يكون جل وعز عجز عن تعبدهم بالأمر والنهي على إرادته، كرهوا أو أحبوا ففوض أمره ونهيه إليهم
(٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 خطبة الكتاب 1
3 * أبواب العدل * باب 1 نفي الظلم والجور عنه تعالى، وإبطال الجبر والتفويض، وإثبات الأمر بين الأمرين، وإثبات الاختيار والاستطاعة، وفيه 112 حديثا. 2
4 باب 2 آخر وهو من الباب الأول، وفيه حديث. 68
5 باب 3 القضاء والقدر، والمشية والإرادة، وسائر أبواب الفعل، وفيه 79 حديثا. 84
6 باب 4 الآجال، وفيه 14 حديثا. 136
7 باب 5 الأرزاق والأسعار، وفيه 13 حديثا. 143
8 باب 6 السعادة والشقاوة، والخير والشر، وخالقهما ومقدرهما، وفيه 23 حديثا. 152
9 باب 7 الهداية والإضلال والتوفيق والخذلان، وفيه 50 حديثا. 162
10 باب 8 التمحيص والاستدراج، والابتلاء والاختبار، وفيه 18 حديثا. 210
11 باب 9 أن المعرفة منه تعالى، وفيه 13 حديثا. 220
12 باب 10 الطينة والميثاق، وفيه 67 حديثا. 225
13 باب 11 من لا ينجبون من الناس، ومحاسن الخلقة وعيوبها اللتين تؤثران في الخلق، وفيه 15 حديثا. 276
14 باب 12 علة عذاب الاستيصال، وحال ولد الزنا، وعلة اختلاف أحوال الخلق، وفيه 14 حديثا. 281
15 باب 13 الأطفال ومن لم يتم عليهم الحجة في الدنيا، وفيه 22 حديثا. 288
16 باب 14 من رفع عنه القلم، ونفي الحرج في الدين، وشرائط صحة التكليف، وما يعذر فيه الجاهل، وأنه يلزم على الله التعريف وفيه 29 حديثا. 298
17 باب 15 علة خلق العباد وتكليفهم، والعلة التي من أجلها جعل الله في الدنيا اللذات والآلام والمحن، وفيه 18 حديثا. 309
18 باب 16 عموم التكاليف، وفيه ثلاثة أحاديث. 318
19 باب 17 أن الملائكة يكتبون أعمال العباد، وفيه 35 حديثا. 319
20 باب 18 الوعد والوعيد، والحبط والتكفير، وفيه حديثان. 331