بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥ - الصفحة ٤٣
بيان: ما ورد في هذا الخبر من عدم تقدم الاستطاعة على الفعل موافقا لاخبار أوردها الكليني في ذلك يحتمل وجوها:
الأول: التقية لموافقته لما ذهب إليه الأشاعرة من أن للعبد قدرة وكسبا، مقارنة للفعل، غير مؤثرة فيه، ولمخالفته لما سبق من الأخبار الكثيرة الدالة على تقدم الاستطاعة وأن من لا يقول به فهو مشرك.
الثاني: أن يكون المراد بالاستطاعة في أمثال هذا الخبر الاستقلال بالفعل، بحيث لا يمكن أن يمنعه عنه مانع، ولا يكون هذا إلا في حال الفعل إذ يمكن قبل الفعل أن يزيله الله عن الفعل ولو بإعدامه وإزالة عقله، أو شئ آخر مما يتوقف عليه الفعل.
الثالث: أن يكون المعنى أن في حال الفعل يظهر الاستطاعة ويعلم أنه كان مستطيعا قبله، بأن أذن الله له في الفعل، كما ورد أن بعد القضاء لا بداء; والأول أظهر.
مجالس المفيد: علي بن مالك النحوي، عن محمد بن الفضل، عن محمد بن أحمد الكاتب، عن يموت بن المزرع، عن عيسى بن إسماعيل، عن الأصمعي، عن عيسى بن عمر قال: كان ذو الرمة الشاعر (1) يذهب إلى النفي في الافعال، وكان رؤبة بن العجاج (2) إلى الاثبات فيها، فاجتمعا في يوم من أيامهما عند بال بن أبي بردة - وهو والي البصرة - وبلال يعرف ما بينهما من الخلاف، فحضهما على المناظرة فقال رؤبة: والله ما يفحص طائر افحوصا ولا يقرمص سبع قرموصا إلا كان ذلك بقضاء الله وقدره، فقال له ذو الرمة:
والله ما أذن الله للذئب أن يأخذ حلوبة عالة عيايل ضرايك، فقال له رؤبة: أفبمشيته أخذها؟ أم بمشية الله؟ فقال ذو الرمة: بل بمشيته وإرادته، فقال رؤبة: هذا والله الكذب على الذئب! فقال ذو الرمة: والله الكذب على الذئب أهون من الكذب على

(1) اسمه غيلان بن عقبة، وكنيته أبو الحارث، أورد ذكره وأخباره ومن أشعاره أبو الفرج في الأغاني ج 16 ص 110 توفى في خلافة هشام بن عبد الملك وله أربعون سنة.
(2) واسم العجاج عبد الله بن رؤبة، يتصل نسبه بزيد بن مناة الراجز المشهور من مخضرمي الدولتين ومن اعراب البصرة، سمع أبي هريرة والنسابة البكري، وعداده في التابعين، روى عنه معمر بن المثنى والنضر بن شميل، مات في زمن المنصور سنة 145 قاله ياقوت في ارشاد الأريب ج 4 ص 214.
(٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 خطبة الكتاب 1
3 * أبواب العدل * باب 1 نفي الظلم والجور عنه تعالى، وإبطال الجبر والتفويض، وإثبات الأمر بين الأمرين، وإثبات الاختيار والاستطاعة، وفيه 112 حديثا. 2
4 باب 2 آخر وهو من الباب الأول، وفيه حديث. 68
5 باب 3 القضاء والقدر، والمشية والإرادة، وسائر أبواب الفعل، وفيه 79 حديثا. 84
6 باب 4 الآجال، وفيه 14 حديثا. 136
7 باب 5 الأرزاق والأسعار، وفيه 13 حديثا. 143
8 باب 6 السعادة والشقاوة، والخير والشر، وخالقهما ومقدرهما، وفيه 23 حديثا. 152
9 باب 7 الهداية والإضلال والتوفيق والخذلان، وفيه 50 حديثا. 162
10 باب 8 التمحيص والاستدراج، والابتلاء والاختبار، وفيه 18 حديثا. 210
11 باب 9 أن المعرفة منه تعالى، وفيه 13 حديثا. 220
12 باب 10 الطينة والميثاق، وفيه 67 حديثا. 225
13 باب 11 من لا ينجبون من الناس، ومحاسن الخلقة وعيوبها اللتين تؤثران في الخلق، وفيه 15 حديثا. 276
14 باب 12 علة عذاب الاستيصال، وحال ولد الزنا، وعلة اختلاف أحوال الخلق، وفيه 14 حديثا. 281
15 باب 13 الأطفال ومن لم يتم عليهم الحجة في الدنيا، وفيه 22 حديثا. 288
16 باب 14 من رفع عنه القلم، ونفي الحرج في الدين، وشرائط صحة التكليف، وما يعذر فيه الجاهل، وأنه يلزم على الله التعريف وفيه 29 حديثا. 298
17 باب 15 علة خلق العباد وتكليفهم، والعلة التي من أجلها جعل الله في الدنيا اللذات والآلام والمحن، وفيه 18 حديثا. 309
18 باب 16 عموم التكاليف، وفيه ثلاثة أحاديث. 318
19 باب 17 أن الملائكة يكتبون أعمال العباد، وفيه 35 حديثا. 319
20 باب 18 الوعد والوعيد، والحبط والتكفير، وفيه حديثان. 331