لأنه كان يعلم أنه لا يدركه عقل السائل فيشك فيه أو يجحده فيكفر.
90 - فقه الرضا (ع): سألت العالم عليه السلام: أجبر الله العباد على المعاصي؟ فقال: الله أعدل من ذلك; فقلت له: فمفوض إليهم؟ فقال: هو أعز من ذلك، فقلت له: فصف لنا المنزلة بين المنزلتين، فقال: الجبر هو الكره، فالله تبارك وتعالى لم يكره على معصيته، وإنما الجبر أن يجبر الرجل على ما يكره وعلى ما لا يشتهي، كالرجل يغلب على أن يضرب أو يقطع يده، أو يؤخذ ماله، أو يغصب على حرمته، أو من كانت له قوة ومنعة فقهر، فأما من أتى إلى أمر طائعا محبا له يعطى عليه ما له لينال شهوته فليس ذلك بجبر، إنما الجبر من أكرهه عليه، أو اغضب حتى فعل ما لا يريد ولا يشتهيه، و ذلك أن الله تبارك وتعالى لم يجعل لهم هوى ولا شهوة ولا محبة ولا مشية إلا فيما علم أنه كان منهم، وإنما يجرون في علمه وقضائه وقدره على الذي في علمه وكتابه السابق فيهم قبل خلقهم، والذي علم أنه غير كائن منهم هو الذي لم يجعل لهم فيه شهوة ولا إرادة.
91 - وأروي عن العالم عليه السلام أنه قال: منزلة بين منزلتين في المعاصي وسائر الأشياء، فالله عز وجل الفاعل لها والقاضي والمقدر والمدبر.
92 - وقد أروي أنه قال: لا يكون المؤمن مؤمنا حقا حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه.
93 - وأروي عن العالم عليه السلام أنه قال: مساكين القدرية أرادوا أن يصفوا الله عز وجل بعدله فأخرجوه من قدرته وسلطانه.
94 - وروي: لو أراد الله سبحانه أن لا يعصى ما خلق إبليس.
95 - وأروي أن رجلا سأل العالم عليه السلام: أكلف الله العباد ما لا يطيقون؟ فقال:
كلف الله جميع الخلق ما لا يطيقون إن لم يعنهم عليه، فإن أعانهم عليه أطاقوه، قال الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وآله: " واصبر وما صبرك إلا بالله ".
96 - قلت: ورويت عن العالم عليه السلام أنه قال: القدر والعمل بمنزلة الروح والجسد، فالروح بغير الجسد لا يتحرك ولا يرى، والجسد بغير الروح صورة لا خراك له