بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥ - الصفحة ٣٠٨
في قوله: " ما كانوا يستطيعون السمع " ليست للنفي بل تجري مجرى قولهم: لأواصلنك ما لاح نجم، ويكون المعنى: أن العذاب يضاعف لهم في الآخرة ما كانوا يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون، أي أنهم معذبون ما كانوا أحياءا.
وقال رحمه الله في تأويل قوله تعالى: " ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا " (1) قيل: المراد بنسينا تركنا، قال قطرب: معنى النسيان ههنا الترك، كما قال تعالى: " ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي " (2) أي ترك، ولولا ذلك لم يكن فعله معصية، وكقوله تعالى:
" نسوا الله فنسيهم " (3) أي تركوا طاعته فتركهم من ثوابه ورحمته، وقد يقول الرجل لصاحبه: لا تنسني من عطيتك أي لا تتركني منها، وقد يمكن في الآية وجه آخر و هو أن يحمل النسيان على السهو وفقد العلوم، ويكون وجه الدعاء بذلك ما قد بيناه فيما تقدم من السؤال على سبيل الانقطاع إلى الله والاستغاثة به وإن كان مأمونا منه المؤاخذة بمثله، ويجري مجرى قوله: ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به " وهذا الوجه أيضا يمكن في قوله: " أو أخطأنا " إذا كان الخطاء ما وقع سهوا أو عن غير عمد، فأما على ما يطابق الوجه الأول فقد يجوز أن يريد بالخطأ ما يفعل من المعاصي بالتأويل السيئ، وعن جهل بأنها معاص، لان من قصد شيئا على اعتقاده أنه بصفة فوقع ما هو بخلاف معتقده يقال: قد أخطأ فكأنه أمرهم بأن يستغفروا مما تركوه متعمدين من غير سهو ولا تأويل، ومما أقدموا عليه مخطئين متأولين، ويمكن أيضا أن يريد بأخطائنا ههنا أذنبنا وفعلنا قبيحا، وإن كانوا له متعمدين وبه عالمين، لان جميع معاصينا لله تعالى قد يوصف كلها بأنها خطأ من حيث فارقت الصواب، وإن كان فاعلها متعمدا، وكأنه أمرهم بأن يستغفروا مما تركوه من الواجبات، ومما فعلوه من المقبحات ليشتمل الكلام على جهتي الذنوب، والله أعلم بمراده.

(٣٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 303 304 305 306 307 308 309 310 311 312 313 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 خطبة الكتاب 1
3 * أبواب العدل * باب 1 نفي الظلم والجور عنه تعالى، وإبطال الجبر والتفويض، وإثبات الأمر بين الأمرين، وإثبات الاختيار والاستطاعة، وفيه 112 حديثا. 2
4 باب 2 آخر وهو من الباب الأول، وفيه حديث. 68
5 باب 3 القضاء والقدر، والمشية والإرادة، وسائر أبواب الفعل، وفيه 79 حديثا. 84
6 باب 4 الآجال، وفيه 14 حديثا. 136
7 باب 5 الأرزاق والأسعار، وفيه 13 حديثا. 143
8 باب 6 السعادة والشقاوة، والخير والشر، وخالقهما ومقدرهما، وفيه 23 حديثا. 152
9 باب 7 الهداية والإضلال والتوفيق والخذلان، وفيه 50 حديثا. 162
10 باب 8 التمحيص والاستدراج، والابتلاء والاختبار، وفيه 18 حديثا. 210
11 باب 9 أن المعرفة منه تعالى، وفيه 13 حديثا. 220
12 باب 10 الطينة والميثاق، وفيه 67 حديثا. 225
13 باب 11 من لا ينجبون من الناس، ومحاسن الخلقة وعيوبها اللتين تؤثران في الخلق، وفيه 15 حديثا. 276
14 باب 12 علة عذاب الاستيصال، وحال ولد الزنا، وعلة اختلاف أحوال الخلق، وفيه 14 حديثا. 281
15 باب 13 الأطفال ومن لم يتم عليهم الحجة في الدنيا، وفيه 22 حديثا. 288
16 باب 14 من رفع عنه القلم، ونفي الحرج في الدين، وشرائط صحة التكليف، وما يعذر فيه الجاهل، وأنه يلزم على الله التعريف وفيه 29 حديثا. 298
17 باب 15 علة خلق العباد وتكليفهم، والعلة التي من أجلها جعل الله في الدنيا اللذات والآلام والمحن، وفيه 18 حديثا. 309
18 باب 16 عموم التكاليف، وفيه ثلاثة أحاديث. 318
19 باب 17 أن الملائكة يكتبون أعمال العباد، وفيه 35 حديثا. 319
20 باب 18 الوعد والوعيد، والحبط والتكفير، وفيه حديثان. 331