بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥ - الصفحة ٣١١
قوله تعالى: " أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا " استدلال على البعث بان لذات هذه الدار الفانية لا تليق بأن تكون مقصودة لخلق هذه العالم مع هذه الآلام والمشاق و المصائب المشاهدة فيها فلو لم يكن لاستحقاق دار أخرى باقية خالية عن المحن والآلام لكان الخلق عبثا ولذا قال بعده: " وأنتم إلينا لا ترجعون ".
قوله تعالى: قل ما يعبؤ بكم ربي لولا دعاؤكم " (1) أي ما يصنع بكم أولا يعتد بكم لولا دعاؤكم إلى الدين، أو لولا عبادتكم، أو لولا دعاؤكم لله عند الشدائد، وهو المروي عن أبي جعفر عليه السلام.
قوله تعالى: " إنا عرضنا الأمانة " قيل: هي التكليف بالأوامر والنواهي، و المعنى أنها لعظمة شأنها بحيث لو عرضت على هذه الاجرام العظام وكانت ذا شعور و إدراك " لابين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الانسان " مع ضعف بنيته ورخاوة قوته لا جرم فإن الراعي لها بخير الدارين " إنه كان ظلوما " حيث لم يراع حقها " جهولا " بكنه عاقبتها. وقيل: المراد الطاعة التي تعم الاختيارية والطبيعية، وعرضها:
استدعاؤها الذي يعم طلب الفعل من المختار وإرادة صدوره من غيره، وبحملها الخيانة فيها والامتناع عن أدائها. والظلم والجهالة: الخيانة والتقصير. وقيل: إنه تعالى لما خلق هذه الاجرام خلق فيها فهما وقال لها: إني فرضت فريضة ونارا لمن عصاني، فقلن: نحن مسخرات على ما خلقنا لا نحتمل فريضة، ولا نبغي ثوابا ولا عقابا; ولما خلق آدم عرض عليه مثل ذلك فحمله، وكان ظلوما لنفسه بتحمل ما يشق عليها، جهولا بوخامة عاقبته وقيل: المراد بالأمانة العقل أو التكليف، وبعرضها عليهن اعتبارها بالإضافة إلى استعدادهن، وبإبائهن الاباء الطبيعي الذي هو عدم اللياقة والاستعداد وبحمل الانسان قابليته واستعداده لها، وكونه ظلوما جهولا لما غلب عليه من القوة

(1) قال الراغب في مفرداته: ما عبأت به أي لم ابال به، وأصله من العبء أي الثقل، كأنه قال: ما أرى له وزنا وقدرا، قال: " قل ما يعبؤ بكم ربى " وقيل: أصله من عبأت الطيب، كأنه قيل: ما يبقيكم لولا دعاؤكم.
(٣١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 306 307 308 309 310 311 312 313 314 315 316 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 خطبة الكتاب 1
3 * أبواب العدل * باب 1 نفي الظلم والجور عنه تعالى، وإبطال الجبر والتفويض، وإثبات الأمر بين الأمرين، وإثبات الاختيار والاستطاعة، وفيه 112 حديثا. 2
4 باب 2 آخر وهو من الباب الأول، وفيه حديث. 68
5 باب 3 القضاء والقدر، والمشية والإرادة، وسائر أبواب الفعل، وفيه 79 حديثا. 84
6 باب 4 الآجال، وفيه 14 حديثا. 136
7 باب 5 الأرزاق والأسعار، وفيه 13 حديثا. 143
8 باب 6 السعادة والشقاوة، والخير والشر، وخالقهما ومقدرهما، وفيه 23 حديثا. 152
9 باب 7 الهداية والإضلال والتوفيق والخذلان، وفيه 50 حديثا. 162
10 باب 8 التمحيص والاستدراج، والابتلاء والاختبار، وفيه 18 حديثا. 210
11 باب 9 أن المعرفة منه تعالى، وفيه 13 حديثا. 220
12 باب 10 الطينة والميثاق، وفيه 67 حديثا. 225
13 باب 11 من لا ينجبون من الناس، ومحاسن الخلقة وعيوبها اللتين تؤثران في الخلق، وفيه 15 حديثا. 276
14 باب 12 علة عذاب الاستيصال، وحال ولد الزنا، وعلة اختلاف أحوال الخلق، وفيه 14 حديثا. 281
15 باب 13 الأطفال ومن لم يتم عليهم الحجة في الدنيا، وفيه 22 حديثا. 288
16 باب 14 من رفع عنه القلم، ونفي الحرج في الدين، وشرائط صحة التكليف، وما يعذر فيه الجاهل، وأنه يلزم على الله التعريف وفيه 29 حديثا. 298
17 باب 15 علة خلق العباد وتكليفهم، والعلة التي من أجلها جعل الله في الدنيا اللذات والآلام والمحن، وفيه 18 حديثا. 309
18 باب 16 عموم التكاليف، وفيه ثلاثة أحاديث. 318
19 باب 17 أن الملائكة يكتبون أعمال العباد، وفيه 35 حديثا. 319
20 باب 18 الوعد والوعيد، والحبط والتكفير، وفيه حديثان. 331