بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥ - الصفحة ١٨
أقول: وساق الخبر إلى آخر ما رواه المفضل، وقال الشيخ المفيد قدس الله روحه في شرحه: الجبر هو الحمل على الفعل، والاضطرار إليه بالقسر والغلبة، وحقيقة ذلك إيجاد الفعل في الخلق من غير أن يكون له قدرة على دفعه والامتناع من وجوده فيه، وقد يعبر عما يفعله الانسان بالقدرة التي معه على وجه الاكراه له على التخويف و الالجاء أنه جبر، والأصل فيه ما فعل من غير قدرة على امتناعه منه حسب ما قدمناه، وإذا تحقق القول في الجبر على ما وصفناه كان مذهب الجبر هو قول من يزعم أن الله تعالى خلق في العبد الطاعة من غير أن يكون للعبد قدرة على ضدها والامتناع منها، وخلق فيهم المعصية كذلك، فهم المجبرة حقا، والجبر مذهبهم على التحقيق، والتفويض هو القول برفع الحظر (1) عن الخلق فالافعال والإباحة لهم، مع ما شاؤوا من الاعمال، وهذا قول الزنادقة وأصحاب الإباحات، والواسطة بين هذين القولين أن الله أقدر الخلق على أفعالهم، ومكنهم من أعمالهم، وحد لهم الحدود في ذلك، ورسم لهم الرسوم، و نهاهم عن القبائح بالزجر والتخويف والوعد والوعيد، فلم يكن بتمكينهم من الاعمال مجبرا لهم عليها، ولم يفوض إليهم الاعمال لمنعهم من أكثرها، ووضع الحدود لهم فيها، وأمرهم بحسنها ونهاهم عن قبيحها، فهذا هو الفصل بي الجبر والتفويض على ما بيناه.
29 - الإحتجاج: عن هشام بن الحكم قال: سأل الزنديق أبا عبد الله عليه السلام فقال: أخبرني عن الله عز وجل كيف لم يخلق الخلق كلهم مطيعين موحدين وكان على ذلك قادرا؟
قال عليه السلام: لو خلقهم مطيعين لم يكن لهم ثواب لان الطاعة إذا ما كانت فعلهم لم تكن جنة ولا نار، ولكن خلق خلقه فأمرهم بطاعته، ونهاهم عن معصيته، واحتج عليهم برسله، وقطع عذرهم بكتبه ليكونوا هم الذين يطيعون ويعصون، ويستوجبون بطاعتهم له الثواب، وبمعصيتهم إياه العقاب. قال: فالعمل الصالح من العبد هو فعله،

(1) الحظر: المنع، وظاهره انه رحمه الله يفسر التفويض بالالحاد مع أن الظاهر أن المراد بالتفويض في الاخبار هو ما قالت به المعتزلة في مقابل الأشاعرة، وهو أن الافعال مخلوقة للانسان، وإن كانت القوى والأدوات مخلوقة لله خلافا لما ينسب إلى الأشاعرة أن الجميع مخلوقة لله. ط
(١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 خطبة الكتاب 1
3 * أبواب العدل * باب 1 نفي الظلم والجور عنه تعالى، وإبطال الجبر والتفويض، وإثبات الأمر بين الأمرين، وإثبات الاختيار والاستطاعة، وفيه 112 حديثا. 2
4 باب 2 آخر وهو من الباب الأول، وفيه حديث. 68
5 باب 3 القضاء والقدر، والمشية والإرادة، وسائر أبواب الفعل، وفيه 79 حديثا. 84
6 باب 4 الآجال، وفيه 14 حديثا. 136
7 باب 5 الأرزاق والأسعار، وفيه 13 حديثا. 143
8 باب 6 السعادة والشقاوة، والخير والشر، وخالقهما ومقدرهما، وفيه 23 حديثا. 152
9 باب 7 الهداية والإضلال والتوفيق والخذلان، وفيه 50 حديثا. 162
10 باب 8 التمحيص والاستدراج، والابتلاء والاختبار، وفيه 18 حديثا. 210
11 باب 9 أن المعرفة منه تعالى، وفيه 13 حديثا. 220
12 باب 10 الطينة والميثاق، وفيه 67 حديثا. 225
13 باب 11 من لا ينجبون من الناس، ومحاسن الخلقة وعيوبها اللتين تؤثران في الخلق، وفيه 15 حديثا. 276
14 باب 12 علة عذاب الاستيصال، وحال ولد الزنا، وعلة اختلاف أحوال الخلق، وفيه 14 حديثا. 281
15 باب 13 الأطفال ومن لم يتم عليهم الحجة في الدنيا، وفيه 22 حديثا. 288
16 باب 14 من رفع عنه القلم، ونفي الحرج في الدين، وشرائط صحة التكليف، وما يعذر فيه الجاهل، وأنه يلزم على الله التعريف وفيه 29 حديثا. 298
17 باب 15 علة خلق العباد وتكليفهم، والعلة التي من أجلها جعل الله في الدنيا اللذات والآلام والمحن، وفيه 18 حديثا. 309
18 باب 16 عموم التكاليف، وفيه ثلاثة أحاديث. 318
19 باب 17 أن الملائكة يكتبون أعمال العباد، وفيه 35 حديثا. 319
20 باب 18 الوعد والوعيد، والحبط والتكفير، وفيه حديثان. 331