بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥ - الصفحة ١٣٤
احتضاره وانقطاع التكليف عنه مع أنه حي - من العذاب الدائم الذي قد أعد له، و إعلامه أنه صائر إليه.
ورابعها أن يكون المراد بذلك ما ألزمه هؤلاء الكفار من الفرائض والحقوق في أموالهم لان ذلك يؤخذ منهم على كره، وهم إذا أنفقوا فيه أنفقوا بغير نية ولا عزيمة فتصير نفقتهم غرامة وعذابا من حيث لا يستحقون عليها أجرا، وفي هذا الوجه نظر. (1)

(١) قال قدس الله روحه: وهذا وجه غير صحيح، لان الوجه في تكليف الكافر اخراج الحقوق من ماله، كالوجه في تكليف المؤمن ذلك، ومحال أن يكون إنما كلف اخراج هذه الحقوق على سبيل العذاب والجزاء، لان ذلك لا يقتضى وجوبه عليه، والوجه في تكليف الجميع هذه الأمور هو المصلحة واللطف في التكليف، ولا يجرى ذلك مجرى ما قلناه في الجواب الذي قبل هذا من أن المصائب والغموم تكون للمؤمنين محنة وللكافرين عقوبة، لان تلك الأمور مما يجوز أن يكون وجه حسنها للعقوبة والمحنة جميعا، ولا يجوز في هذه الفرائض أن يكون لوجوبها على المكلف إلا وجه واحد وهو المصلحة في الدين، فافترق الأمران، وليس لهم أن يقولوا: ليس التعذيب في إيجاب الفرائض عليهم، وإنما هو في إخراجهم لأموالهم على سبيل التكره والاستثقال، وذلك أنه إذا كان الامر على ما ذكروه خرج الامر من أن يكون مرادا لله تعالى، لأنه عز وجل ما أراد منهم اخراج المال على هذا الوجه بل على الوجه الذي هو طاعة وقربة، فإذا أخرجوها متكرهين مستثقلين لم يرد ذلك، فكيف يقول: إنما يريد الله ليعذبهم بها؟ ويجب أن يكون ما يعذبون به شيئا يصح أن يريده الله تعالى.
أقول: أورد شيخ الطائفة في التبيان وجوها اخر، أولها ما حكى عن ابن زيد أن المعنى: إنما يريد الله ليعذبهم يحفظها والمصائب فيها مع حرمان المنفعة بها.
ثانيها: أن مفارقتها وتركها والخروج عنها بالموت صعب عليهم شديد، لأنهم يفارقون النعم، لا يدرون إلى ماذا يصيرون بعد الموت، فيكون حينئذ عذابا عليهم، بمعنى أن مفارقتها غم وعذاب; ومعنى تزهق أنفسهم أي تهلك وتذهب بالموت، يقال: زهق بضاعة فلان أي ذهبت أجمع.
وأورد وجوها اخر متقاربة مع ما ذكره السيد رحمه الله وقال بعد ذلك: وليس في الآية ما يدل على أن الله تعالى أراد الكفر على ما يقوله المجبرة، لان قوله: " وهم كافرون " في موضع الحال، كقولك: أريد أن نذمه فهو كافر، وأريد أن نضربه وهو عاص، وأنت لا تريد كفره ولا عصيانه، بل تريد ذمه في حال كفره وعصيانه، وتقدير الآية: إنما يريد الله عذابهم وازهاق أنفسهم، أي أي اهلاكها في حال كونهم كافرين. " التبيان ج ١ ص ٨٣٧ ".
(١٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 خطبة الكتاب 1
3 * أبواب العدل * باب 1 نفي الظلم والجور عنه تعالى، وإبطال الجبر والتفويض، وإثبات الأمر بين الأمرين، وإثبات الاختيار والاستطاعة، وفيه 112 حديثا. 2
4 باب 2 آخر وهو من الباب الأول، وفيه حديث. 68
5 باب 3 القضاء والقدر، والمشية والإرادة، وسائر أبواب الفعل، وفيه 79 حديثا. 84
6 باب 4 الآجال، وفيه 14 حديثا. 136
7 باب 5 الأرزاق والأسعار، وفيه 13 حديثا. 143
8 باب 6 السعادة والشقاوة، والخير والشر، وخالقهما ومقدرهما، وفيه 23 حديثا. 152
9 باب 7 الهداية والإضلال والتوفيق والخذلان، وفيه 50 حديثا. 162
10 باب 8 التمحيص والاستدراج، والابتلاء والاختبار، وفيه 18 حديثا. 210
11 باب 9 أن المعرفة منه تعالى، وفيه 13 حديثا. 220
12 باب 10 الطينة والميثاق، وفيه 67 حديثا. 225
13 باب 11 من لا ينجبون من الناس، ومحاسن الخلقة وعيوبها اللتين تؤثران في الخلق، وفيه 15 حديثا. 276
14 باب 12 علة عذاب الاستيصال، وحال ولد الزنا، وعلة اختلاف أحوال الخلق، وفيه 14 حديثا. 281
15 باب 13 الأطفال ومن لم يتم عليهم الحجة في الدنيا، وفيه 22 حديثا. 288
16 باب 14 من رفع عنه القلم، ونفي الحرج في الدين، وشرائط صحة التكليف، وما يعذر فيه الجاهل، وأنه يلزم على الله التعريف وفيه 29 حديثا. 298
17 باب 15 علة خلق العباد وتكليفهم، والعلة التي من أجلها جعل الله في الدنيا اللذات والآلام والمحن، وفيه 18 حديثا. 309
18 باب 16 عموم التكاليف، وفيه ثلاثة أحاديث. 318
19 باب 17 أن الملائكة يكتبون أعمال العباد، وفيه 35 حديثا. 319
20 باب 18 الوعد والوعيد، والحبط والتكفير، وفيه حديثان. 331