وثانيها: أنه لا يرزق الناس في الدنيا على مقابلة أعمالهم وإيمانهم وكفرهم، فلا يدل بسط الرزق على الكفار على منزلتهم عند الله، وإن قلنا: إن المراد به في الآخرة فمعناه أن الله لا يثيب المؤمنين في الآخرة على قدر أعمالهم التي سلفت منهم بل يزيدهم تفضلا.
وثالثها: أنه يعطيه عطاءا لا يأخذه بذلك أحد، ولا يسأله عنه سائل، ولا يطلب عليه جزاءا ولا مكافاة.
ورابعها: أنه يعطيه من العدد الشئ الذي لا يضبط بالحساب ولا يأتي عليه العدد لان ما يقدر عليه غير متناه ولا محصور فهو يعطي الشئ لا من عدد أكثر منه فينقص منه كمن يعطي الألف من الألفين والعشرة من المائة.
وخامسها: أن معناه: يعطي أهل الجنة ما لا يتناهى ولا يأتي عليه الحساب.
وقال البيضاوي في قوله تعالى: " وفي السماء رزقكم ": أي أسباب رزقكم أو تقديره.
وقيل: المراد بالسماء السحاب، وبالرزق المطر لأنه سبب الأقوات، " وما توعدون " من الثواب لان الجنة فوق السماء السابعة، أو لان الاعمال وثوابها مكتوبة مقدرة في السماء وقيل: إنه مستأنف خبره: " فورب السماء والأرض إنه لحق " وعلى هذا فالضمير " لما " وعلى الأول يحتمل أن يكون له ولما ذكر من أمر الآيات والرزق والوعيد. " مثل ما أنكم تنطقون " أي مثل نطقكم كما أنه لا شك لكم في أنكم تنطقون ينبغي أن لا تشكوا في تحقق ذلك انتهى.
وقال الوالد العلامة رحمه الله: يحتمل أن يكون التشبيه من حيث اتصال النطق وفيضان المعاني من المبدء بقدر الحاجة من غير علم بموضعه ومحل وروده فيكون التشبيه أكمل.
1 - قرب الإسناد: ابن طريف، عن ابن علوان، عن جعفر، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن الرزق لينزل (1) من السماء إلى الأرض على عدد قطر المطر إلى كل نفس بما قدر لها، ولكن لله فضول فاسألوا الله من فضله. " ص 55 "