قوله: " ماتوا وهم كافرون " فظاهره يقتضي أنه أراد كفرهم من حيث أراد أن تزهق أنفسهم في حال كفرهم لان القائل إذا قال: أريد أن يلقاني فلان وهو لابس; أو على صفة كذا وكذا فالظاهر أنه أراد كونه على هذه الصفة.
قلنا: أما التعذيب بالأموال والأولاد ففيه وجوه:
أحدها ما روي عن ابن عباس وقتادة وهو أن يكون في الكلام تقديم وتأخير، ويكون التقدير فلا تعجبك يا محمد! ولا تعجب المؤمنين معك أموال هؤلاء الكفار و المنافقين وأولادهم في الحياة الدنيا، إنما يريد الله ليعذبهم بها في الآخرة عقوبة لهم على منعهم حقوقها; واستشهد على ذلك بقوله تعالى: " اذهب بكتابي هذا فألقه إليهم ثم تول عنهم فانظر ماذا يرجعون " (1) فالمعنى: فألقه إليهم فانظر ماذا يرجعون ثم تول عنهم.
وثانيها أن يكون المعنى: ما جعله للمؤمنين من قتالهم وغنيمة أموالهم وسبي أولادهم واسترقاقهم، وفي ذلك لا محالة إيلام لهم واستخفاف بهم. (2) وثالثها أن يكون المراد بتعذيبهم بذلك كل ما يدخله في الدنيا عليهم من العموم والمصائب بأموالهم وأولادهم التي هي لهؤلاء الكفار والمنافقين عقاب وجزاء، وللمؤمنين محنة وجالبة للنفع والعوض، ويجوز أيضا أن يراد به ما ينذر به الكافر - قبل موته وعند