بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥ - الصفحة ١٢٩
ويجري هذا مجرى قوله تعالى: " وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله " (1) ومعلوم أن معنى قوله: " ليس لها " في هذه الآية هو ما ذكرناه، وإن كان الأشبه في الآية التي فيها ذكر الموت أن يكون المراد بالاذن العلم.
ومنها أن يكون الاذن هو التوفيق والتيسير والتسهيل، ولا شبهة في أن الله تعالى يوفق لفعل الايمان ويلطف فيه ويسهل السبيل إليه.
ومنها أن يكون الاذن: العلم، من قولهم: أنت أذنت لكذا وكذا: إذا سمعته وعلمته، وأذنت فلانا بكذا وكذا: إذا أعلمته، فتكون فائدة الآية الاخبار عن علمه تعالى بسائر الكائنات وأنه مما لا تخفى عليه الخفيات، وقد أنكر بعض من لا بصيرة له أن يكون الاذن - بكسر الألف وتسكين الذال - عبارة عن العلم، وزعم أن الذي هو العلم الاذن - بالتحريك - واستشهد بقول الشاعر: إن همي في سماع وأذن. وليس الامر على ما توهمه هذا المتوهم لان الاذن هو المصدر والاذن هو اسم الفعل ويجري مجرى الحذر في أنه مصدر والحذر - بالتسكين - الاسم; على أنه لو لم يكن مسموعا إلا الاذن - بالتحريك - لجاز التسكين، مثل مثل ومثل وشبه وشبه ونظائر ذلك كثيرة.
ومنها أن يكون الاذن: العلم، ومعناه إعلام الله المكلفين بفضل الايمان وما يدعو إلى فعله، فيكون معنى الآية: وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإعلام الله تعالى لها ما يبعثها على الايمان ويدعوها إلى فعله، فأما ظن السائل دخول الإرادة في محتمل اللفظ فباطل، لان الاذن لا يحتمل الإرادة في اللغة، ولو احتملها أيضا لم يجب ما توهمه لأنه إذا قال: إن الايمان لم يقع إلا وأنا مريد له لم ينف أن يكون مريدا لما لم يقع، و ليس في صريح الكلام ولا في دلالته شئ من ذلك. (2)

(١) آل عمران: ١٤٥ (2) قال الشيخ قدس سره في التبيان ومعنى قوله: " وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله " أنه لا يمكن لاحد أن يؤمن إلا باطلاق الله له في الايمان وتمكينه منه ودعاؤه إليه بما خلق فيه من العقل الموجب لذلك. وقال الحسن وأبو علي الجبائي: إذنه ههنا: أمره، وحقيقة إطلاقه في الفعل بالامر وقد يكون الاذن بالاطلاق في الفعل برفع التبعية. وقيل: معناه: وما كان لنفس أن تؤمن إلا بعلم الله، وأصل الاذن: الاطلاق في الفعل، فأما الاقدار على الفعل فلا يسمى إذنا فيه، لان النهى ينافي الاطلاق. انتهى.
(١٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 خطبة الكتاب 1
3 * أبواب العدل * باب 1 نفي الظلم والجور عنه تعالى، وإبطال الجبر والتفويض، وإثبات الأمر بين الأمرين، وإثبات الاختيار والاستطاعة، وفيه 112 حديثا. 2
4 باب 2 آخر وهو من الباب الأول، وفيه حديث. 68
5 باب 3 القضاء والقدر، والمشية والإرادة، وسائر أبواب الفعل، وفيه 79 حديثا. 84
6 باب 4 الآجال، وفيه 14 حديثا. 136
7 باب 5 الأرزاق والأسعار، وفيه 13 حديثا. 143
8 باب 6 السعادة والشقاوة، والخير والشر، وخالقهما ومقدرهما، وفيه 23 حديثا. 152
9 باب 7 الهداية والإضلال والتوفيق والخذلان، وفيه 50 حديثا. 162
10 باب 8 التمحيص والاستدراج، والابتلاء والاختبار، وفيه 18 حديثا. 210
11 باب 9 أن المعرفة منه تعالى، وفيه 13 حديثا. 220
12 باب 10 الطينة والميثاق، وفيه 67 حديثا. 225
13 باب 11 من لا ينجبون من الناس، ومحاسن الخلقة وعيوبها اللتين تؤثران في الخلق، وفيه 15 حديثا. 276
14 باب 12 علة عذاب الاستيصال، وحال ولد الزنا، وعلة اختلاف أحوال الخلق، وفيه 14 حديثا. 281
15 باب 13 الأطفال ومن لم يتم عليهم الحجة في الدنيا، وفيه 22 حديثا. 288
16 باب 14 من رفع عنه القلم، ونفي الحرج في الدين، وشرائط صحة التكليف، وما يعذر فيه الجاهل، وأنه يلزم على الله التعريف وفيه 29 حديثا. 298
17 باب 15 علة خلق العباد وتكليفهم، والعلة التي من أجلها جعل الله في الدنيا اللذات والآلام والمحن، وفيه 18 حديثا. 309
18 باب 16 عموم التكاليف، وفيه ثلاثة أحاديث. 318
19 باب 17 أن الملائكة يكتبون أعمال العباد، وفيه 35 حديثا. 319
20 باب 18 الوعد والوعيد، والحبط والتكفير، وفيه حديثان. 331