بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥ - الصفحة ١٢٨
بوجوب الرضا به من حيث إنه فعله، وعدم الرضا به من حيث الكسب لبطلان الكسب أولا; وثانيا نقول: إن كان كون الكفر كسبا بقضائه تعالى وقدره وجب الرضا به من حيث هو كسب، وهو خلاف قولكم وإن لم يكن بقضاء وقدر بطل إسناد الكائنات بأجمعها إلى القضاء والقدر انتهى.
وقال شارح المواقف: اعلم أن قضاء الله عند الأشاعرة هو إرادته الأزلية المتعلقة بالأشياء على ما هي عليه فيما لا يزال، وقدره إيجاده إياها على وجه مخصوص وتقدير معين في ذواتها وأحوالها، وأما عند الفلاسفة فالقضاء عبارة عن علمه بما ينبغي أن يكون عليه الوجود حتى يكون على أحسن النظام وأكمل الانتظام، وهو المسمى عندهم بالعناية التي هي مبدء لفيضان الموجودات من حيث جملتها على أحسن الوجوه وأكملها والقدر عبارة عن خروجها إلى الوجود العيني بأسبابها على الوجه الذي تقرر في القضاء والمعتزلة ينكرون القضاء والقدر في الأفعال الاختيارية الصادرة عن العباد، ويثبتون علمه تعالى بهذه الافعال، ولا يسندون وجودها إلى ذلك العلم، بل إلى اختيار العباد، وقدرتهم انتهى.
وقال السيد المرتضى رضي الله عنه في كتاب الغرر والدرر: إن قال قائل: ما تأويل قوله تعالى: " وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله ويجعل الرجس على الذين لا يعقلون " (1) فظاهر هذا الكلام يدل على أن الايمان إنما كان لهم فعله بإذنه وأمره وليس هذا مذهبكم، فإن حمل الاذن ههنا على الإرادة اقتضى أن من لم يقع منه الايمان لم يرد الله تعالى منه وهذا أيضا بخلاف قولكم، ثم جعل الرجس الذي هو العذاب على الذين لا يعقلون، ومن كان فاقدا عقله لا يكون مكلفا، فكيف يستحق العذاب؟ وهذا بالضد من الخبر المروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: أكثر أهل الجنة البله.
الجواب يقال له: في قوله: إلا بإذن الله وجوه: منها أن يكون الاذن: الامر، ويكون معنى الكلام أن الايمان لا يقع من أحد إلا بعد أن يأذن الله فيه ويأمر به، ولا يكون معناه ما ظنه السائل من أنه لا يكون للفاعل فعله إلا بإذنه، ويجرى هذا مجرى

(١٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 خطبة الكتاب 1
3 * أبواب العدل * باب 1 نفي الظلم والجور عنه تعالى، وإبطال الجبر والتفويض، وإثبات الأمر بين الأمرين، وإثبات الاختيار والاستطاعة، وفيه 112 حديثا. 2
4 باب 2 آخر وهو من الباب الأول، وفيه حديث. 68
5 باب 3 القضاء والقدر، والمشية والإرادة، وسائر أبواب الفعل، وفيه 79 حديثا. 84
6 باب 4 الآجال، وفيه 14 حديثا. 136
7 باب 5 الأرزاق والأسعار، وفيه 13 حديثا. 143
8 باب 6 السعادة والشقاوة، والخير والشر، وخالقهما ومقدرهما، وفيه 23 حديثا. 152
9 باب 7 الهداية والإضلال والتوفيق والخذلان، وفيه 50 حديثا. 162
10 باب 8 التمحيص والاستدراج، والابتلاء والاختبار، وفيه 18 حديثا. 210
11 باب 9 أن المعرفة منه تعالى، وفيه 13 حديثا. 220
12 باب 10 الطينة والميثاق، وفيه 67 حديثا. 225
13 باب 11 من لا ينجبون من الناس، ومحاسن الخلقة وعيوبها اللتين تؤثران في الخلق، وفيه 15 حديثا. 276
14 باب 12 علة عذاب الاستيصال، وحال ولد الزنا، وعلة اختلاف أحوال الخلق، وفيه 14 حديثا. 281
15 باب 13 الأطفال ومن لم يتم عليهم الحجة في الدنيا، وفيه 22 حديثا. 288
16 باب 14 من رفع عنه القلم، ونفي الحرج في الدين، وشرائط صحة التكليف، وما يعذر فيه الجاهل، وأنه يلزم على الله التعريف وفيه 29 حديثا. 298
17 باب 15 علة خلق العباد وتكليفهم، والعلة التي من أجلها جعل الله في الدنيا اللذات والآلام والمحن، وفيه 18 حديثا. 309
18 باب 16 عموم التكاليف، وفيه ثلاثة أحاديث. 318
19 باب 17 أن الملائكة يكتبون أعمال العباد، وفيه 35 حديثا. 319
20 باب 18 الوعد والوعيد، والحبط والتكفير، وفيه حديثان. 331