النار، ولا بقول إبليس فإن أهل الجنة قالوا: " الحمد لله الذي هدينا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدينا الله " ولم يقولوا بقول أهل النار، فإن أهل النار قالوا: " ربنا غلبت علينا شقوتنا " وقال إبليس: " رب بما أغويتني " فقلت يا سيدي: والله ما أقول بقولهم ولكني أقول: لا يكون إلا ما شاء الله وقضى وقدر، (1) فقال: ليس هكذا يا يونس ولكن لا يكون إلا ما شاء الله وأراد وقدر وقضى، أتدري ما المشية يا يونس؟ قلت:
لا، قال: هو الذكر الأول: وتدري ما الإرادة؟ قلت: لا؟ قال العزيمة على ما شاء; وتدري ما التقدير؟ قلت: لا، قال: هو وضع الحدود من الآجال والأرزاق والبقاء و الفناء; (2) وتدري ما القضاء؟ قلت: لا، قال: هو إقامة العين، (3) ولا يكون إلا ما شاء الله في الذكر الأول " ص 21 - 22 " بيان: الظاهر أن المراد بالقدرية هنا من يقول: إن أفعال العباد، ووجودها ليست بقدرة الله وبقدره، بل باستقلال إرادة العبد به واستواء نسبة الإرادتين إليه، و صدور أحدهما عنه لا بموجب غير الإرادة، كما ذهب إليه بعض المعتزلة. لا يقول بقول أهل الجنة من إسناد هدايتهم إليه سبحانه، ولا بقول أهل النار من إسناد ضلالتهم إلى شقوتهم، ولا بقول إبليس من إسناد الاغواء إليه سبحانه، والفرق بين كلامه عليه السلام وكلام يونس إنها هو في الترتيب، فإن في كلامه عليه السلام التقدير مقدم على القضاء كما هو الواقع، وفي كلام يونس بالعكس، والذكر هو الكتابة مجملا في لوح المحو والاثبات، أو العلم القديم.
50 - ثواب الأعمال: علي بن أحمد، عن محمد بن جعفر، عن محمد بن أبي القاسم، عن إسحاق بن إبراهيم، عن علي بن موسى البصري، عن سليمان بن عيسى، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق،