ويحتمل أن يكون وجه الشبهة ما ذكره سيدنا المرتضى، أنه لما وقعت الفتنة، واختلفت الكلمة، ووقع ممن حضر السقيفة من المهاجرين والأنصار ما وقع، للعلل والأسباب التي ذكرنا بعضها، ورأى الناس صنيعهم، اعتقد كثير منهم مع العلم بالنص أن القوم الذين راموا الأمر وعقدوها لأحدهم، لم يفعلوا ذلك الا بعهد من الرسول صلى الله عليه وآله وخاص إليهم، وقول منه تأخر عما علموه من الناس وكان كالناسخ له، وذهب عليهم أنه لو كان في ذلك عهد في النص الظاهر الذي عرفوه، لما جاز أن يكون خاصا، وان النسخ في مثله لا يقع، لأنه موجب للبداء، إلى غير هذا من الوجوه المبطلة لهذه الشبهة، إلى آخر كلامه.
ثم اعلم أن من أسباب اشتباه الأمر على الناس ما وضعوه من أن النبوة والإمامة لا يجتمعان في بيت واحد.
وقد روى سيدنا المرتضى، عن عبد الله بن جبلة الكناني، عن ذريح المحاربي، عن أبي حمزة الثمالي، عن جعفر بن محمد بن علي عن آبائه عليهم السلام أن بريدة كان غائبا بالشام، فقدم وقد بايع الناس أبا بكر، فأتاه في مجلسه، فقال: يا أبا بكر هل نسيت تسليمنا على علي عليه السلام بإمرة المؤمنين واجبة من الله ورسوله؟ فقال: يا بريدة أنت غبت وشهدنا، وان الله يحدث الأمر بعد الأمر، ولم يكن الله ليجمع لأهل هذا البيت النبوة والخلافة والملك (1).
وروى الشيخ الطبرسي من علمائنا في كتاب الاحتجاج، عن سليم بن قيس الهلالي، عن سلمان الفارسي في حكاية طويلة من ذكر احضار علي عليه السلام، ونذكر هاهنا موضع الحاجة منها، ثم قال علي عليه السلام: يا معاشر المهاجرين والأنصار أسمعتم رسول الله صلى الله عليه وآله يقول يوم غدير خم كذا وكذا، وفي غزوة تبوك كذا وكذا؟ فلم يدع شيئا قاله فيه صلى الله عليه وآله علانية الا ذكره، فقالوا: نعم.