وهارون عليه السلام إذ قال ابن أم ان القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني فلا تشمت بي الأعداء ولا تجعلني مع القوم الظالمين (6) فان قلتم: انهم لن يستضعفوه ولم يشرفوا على قتله، فقد كفرتم. وان قلتم: انهم استضعفوه وأشرفوا على قتله، فالوصي أعذر.
ومحمد صلى الله عليه وآله إذ هرب إلى الغار، فان قلتم: انه هرب من غير خوف أخافوه، فقد كفرتم. وان قلتم: انهم أخافوه فلم يسعه الا الهرب، فالوصي أعذر، فقال الناس:
صدق أمير المؤمنين، وهذا هو الحق والعذر الواضح (1).
ومما يدل أيضا زائدا على ما قدمناه من طرق المخالف على أنه عليه السلام كان معذورا في ترك المحاربة، ما رواه الحميدي في الجمع بين الصحيحين في مسند عائشة في الحديث التاسع عشر من المتفق عليه من عدة طرق، قالت: ان النبي صلى الله عليه وآله قال لها:
يا عائشة لولا أن قومك حديثوا عهد بجاهلية - وفي حديث آخر: حديثوا عهد بكفر. وفي رواية: حديثوا عهد بشرك - وأخاف أن تنكر قلوبهم لأمرت بالبيت فهدم، فأدخلت فيه ما اخرج منه، وألزقته بالأرض، وجعلت له بابين: بابا شرقيا، وبابا غربيا، فبلغت به أساس إبراهيم (2).
وقد تقدم هذا الحديث نقلا عن الفردوس. ووجه الدلالة ظاهر بين لا يحتاج إلى البيان.
وما رواه ابن أبي الحديد في شرحه في تفسير قوله (يا علي ان القوم سيفتنون بأموالهم، ويمنون بدينهم على ربهم، ويتمنون رحمته) إلى آخره (3).