يهجو هشاما وهو في الحبس، فكان مما هجاه به قوله:
أيحبسني بين المدينة والتي * إليها قلوب الناس يهوي منيبها يقلب رأسا لم يكن رأس سيد * وعينا له حولاء باد عيوبها فبعث إليه فأخرجه (1).
وقد جرت العادة في من حصل له جزء من هذه النباهة أن لا يسلم من ألسنة أعدائه، ونسبتهم إياه إلى بعض العيوب القادحة في الديانة والأخلاق، فعلم أنه سبحانه هو المتولي لحفظ أئمتنا عليهم السلام من ألسنة الناس بلطفه وجميل صنعه خرقا للعادة، ليدل على أنهم حججه على عباده، والسفراء بينه وبين خلقه، والأركان لدينه، والحفظة لشرعه، وهذا واضح لمن تأمل من اولي الألباب.
الدليل الحادي عشر [اقرار جميع أرباب المذاهب بفضلهم وجلالتهم عليهم السلام] انا نجد من تسخير الله تعالى الولي لهم في التعظيم لمنزلتهم والغدو لهم في الاجلال لمرتبتهم، الهامه سبحانه جميع القلوب، اعلاء شأنهم ورفع مكانهم، على تباين مذاهبهم وآرائهم، واختلاف أهوائهم، فقد علم كل من سمع الأخبار وتتبع الآثار، أن جميع المدعين لاستحقاق أمر الإمامة والخلافة كانوا مقرين بفضل هؤلاء الأئمة الاثني عشر، ولم ينكروا فضلهم. فعلمنا أن تعظيمهم إياهم مع ظاهر عداوتهم، واجماعهم على ضد مرادهم من التبجيل والاكرام، تسخير من الله تعالى لهم، ليعلم أنهم أئمة الهدى والحجج على أهل الدنيا.
ويؤيد ما ذكرناه ما شاهدنا الطوائف المختلفة، والفرق المتباينة في المذاهب