قالوا: ماله ما تنازع أبا بكر وعمر وعثمان، كما نازع طلحة والزبير وعائشة، فخرج مرتديا، ثم نادى بالصلاة جامعة، فلما اجتمع أصحابه قام خطيبا، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: يا معشر الناس بلغني أن قوما قالوا: ماله ما تنازع أبا بكر وعمر وعثمان كما نازع طلحة والزبير وعائشة، وان لي في سبعة أنبياء أسوة:
أولهم: نوح عليه السلام، قال الله تعالى مخبرا عنه فدعا ربه أني مغلوب فانتصر (1) فان قلتم: ما كان مغلوبا فقد كذبتم القرآن، وإن كان ذلك كذلك، فالوصي أعذر.
والثاني: إبراهيم الخليل خليل الرحمن عليه السلام حيث يقول واعتزلكم وما تدعون من دون الله (2) فان قلتم: انه اعتزلهم من غير مكروه، فقد كفرتم. وان قلتم: رأى المكروه منهم فاعتزلهم، فالوصي أعذر.
وابن خالته لوط عليه السلام إذ قال لقومه لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد (3) فان قلتم: انه كانت له بهم قوة، فقد كفرتم. وان قلتم: لم يكن له قوة، فالوصي أعذر.
ولي بيوسف أسوة إذ قال: رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه (4) ان قلتم: انه دعي لغير مكروه يسخط الله فقد كفرتم، وان قلتم: انه دعي إلى ما يسخط الله عز وجل فاختار السجن، فالوصي أعذر.
وموسى بن عمران عليه السلام إذ يقول ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي حكما وجعلني من المرسلين (5) فان قلتم: انه فر منهم من غير خوف، فقد كفرتم. وان قلتم: انه فر منهم خوفا، فالوصي أعذر.