ولا ريب أن التكليف مع عدم تعيين امام معصوم عالم بجميع الأحكام، لو وكلت الرعية إلى أنفسهم مع اختلاف آرائهم وأهوائهم ليختاروا لأنفسهم أئمة، حرج عظيم وعسر شديد، فبطل امامة أئمة المخالفين المنعقدة بالبيعة والاختيار، فثبت امامة أئمتنا المعصومين الأطهار، لعدم القائل بالفصل.
الدليل الخامس والثلاثون قوله تعالى ﴿وكونوا مع الصادقين﴾ (١) ووجه الدلالة: أن الله تعالى أمرنا بالكون مع الصادقين، ثم وصفهم في كتابه فقال جل جلاله ﴿ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون﴾ (2).
فنعت الله الصادقين بتسعة عشر نعتا، ثم هذه النعوت المذكورة لم تكن في غير الأئمة الاثني عشر ممن ادعى الإمامة بالاجماع، لأنها معنى العصمة، فثبت أنهم هم الأئمة الصادقون.
ويمكن الاستدلال بوجه آخر قريب من هذا الوجه: وهو أن الله تعالى أمرنا بالكون مع الصادقين، ولا يخفى على المتتبع وقوع الاختلاف بين علي (عليه السلام) وعمر وعثمان، وكذا سائر أئمتنا وأئمتهم، وقد علم صدق أئمتنا بالكتاب والسنة والاجماع دون أئمة المخالفين، فثبت امامة أئمتنا ووجوب الكون معهم وبطلان امامة أئمتهم.