له عليه السلام لقتل من قتل من آبائهم، واغتنموا الفرصة حيث رأوا تشاغل بني هاشم بمصيبتهم، وعكوفهم على تجهيز نبيهم صلى الله عليه وآله، فحضروا السقيفة، ونازعوا في الأمر، وقووا على الأنصار، وجرى بينهم ما هو مذكور.
فلما رأى الناس فعلهم وهم وجوه الصحابة ومن يحسن الظن بمثله، ويدخل الشبهة بفعله، توهم أكثرهم أنهم لم يلتبسوا بالأمر، ولا أقدموا على ما أقدموا عليه الا لعذر يسوغ لهم ذلك ويجوزه، فدخلت عليهم الشبهة، واستحكمت في نفوسهم، ولم ينعموا النظر في حلها، فمالوا ميلهم، وسلموا لهم، وبقي العارفون بالحق والثابتون عليه غير متمكنين من اظهار ما في نفوسهم، فكلم بعضهم ووقع منهم النزاع ما قد انتابه الرواية، ثم آل الأمر عند الضرورة إلى الكف والامساك، واظهار التسليم مع ابطان الاعتقاد للحق، ولم يكن في وسع هؤلاء القوم الا نقل ما سمعوه وعلموه من النص إلى اخلافهم ومن يأمنوه على نفوسهم وتواتر به الخبر عنهم، انتهى.
أقول: هذه الرواية وان كانت متضمنة لمبادرة الأنصار إلى طلب الإمامة في السقيفة، ولكن السيد المرتضى في موضع من الشافي قال: ان ما كان من الأنصار من حضور السقيفة وجذب الأمر إلى جهتهم لم يكن منهم ابتداء، بل المعروف في الرواية أن النفر من المهاجرين قد اجتمعوا للخوض في باب الإمامة، فبلغ الأنصار أن المهاجرين قد اجتمعوا للخوض في باب الإمامة، فصاروا إلى السقيفة لا للمبالغة والمجاذبة، وإنما حضروا للتدبر والمشاورة (1).
ثم اعلم أن سيدنا المرتضى نقل عن أبي جعفر بن قبة، بعد ما نقل عنه ما ذكرناه، أن وجه دخول الشبهة عليهم أنهم لما سمعوا الرواية عن الرسول الله صلى الله عليه وآله قول الأئمة من قريش، ظنوا أن ذلك إباحة للاختيار، وان الأخذ بهذا القول العام أولى من الأخذ بالقول الخاص المسموع في يوم الغدير وغيره. انتهى كلام ابن قبة.