الأمر منكم نزلت في شأن علي حين استخلفه الرسول على المدينة (1).
الدليل التاسع عشر الآيات الدالة على شفقة الله بخلقه وذلك في آيات الرحمة، والعفو، والمغفرة، والتوبة، والنعمة، وفي أمور رسوله بنحو ذلك من التلطف، والتغافل عنهم، والارفاق بهم في قوله فاصفح الصفح الجميل (2) فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم (3).
فكيف يحسن من الله والرسول مع شدة عنايتهما الاخلال بنصب الامام، مع شدة الناس إليه، مع أن النبي صلى الله عليه وآله من غاية اشفاقه ما كان يسافر عنهم حتى يجعل لهم من ينوبه فيهم وينظر في مصالحهم، وأنه كان إذا أنفذ جيشا أو سرية يقول: ان قتل أميركم فالأمير فلان، وان قتل فلان ففلان الاخر عوضه.
ذكر الحميدي في الجمع بين الصحيحين في الحديث الخامس والخمسين من افراد مسلم، من مسند عبد الله بن عمر، قال: أمر النبي صلى الله عليه وآله في غزوة موته زيد بن حارثة، فقال: ان قتل زيد فجعفر، فان قتل جعفر فعبد الله بن رواحة (4). وكل ذلك فعل النبي صلى الله عليه وآله لئلا يقع بينهم اختلاف، ولئلا ينتشر أمرهم.
ان قيل: هذا من باب الخطابة والمسألة العلمية، فلا يستفاد من الخطابة الا الظن.
قلنا: لا بل ذلك من باب مفهوم الموافقة، فان الأمر باللين والاستغفار والتواضع هابط في اللطفية عن نصب الإمام المعصوم، فيجب بطريق الأولى، فالخطاب الإلهي