فلما أن خاف أبو بكر أن ينصروه بادرهم، فقال: كلما قلت سمعنا بآذاننا، ووعته قلوبنا، ولكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول بعد هذا: انا أهل بيت اصطفانا الله تعالى وأكرمنا واختار لنا الآخرة على الدنيا، وان الله تعالى لم يكن ليجمع لنا أهل البيت النبوة والخلافة.
فقال علي عليه السلام: أما أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله شهد هذا معك؟ قال عمر: صدق خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله قد سمعنا هذا منه كما قال، وقال أبو عبيدة بن الجراح وسالم مولى أبي حديفة ومعاذ بن جبل: صدق قد سمعنا ذلك من رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال لهم: بشروا وفيتم بصحيفتكم الملعونة التي تعاقدتم عليها في الكعبة، ان قتل الله محمدا أو أماته أن تزيلوا هذا الأمر عنا أهل البيت، إلى آخر الحكاية (1).
وقد تقدم في هذا المعنى خبر عن قطب الراوندي في شرح نهج البلاغة، وهو: أن عمر لما نص على ستة أنفس استصلحهم للخلافة بعده، قال: ان اختلفوا فالحق في القوم الذين فيهم عبد الرحمن بن عوف، فقال العباس لعلي بن أبي طالب عليه السلام:
ذهب الأمر منا، لأن عبد الرحمن كانت بينه وبين عثمان مصاهرة وأمور، فوجب أنه لا يختار عليه أحدا، فقال علي عليه السلام للعباس: أنا أعلم ذلك ولكن أدخل معهم في الشورى لأن عمر قد استصلحني الان للإمامة، وكان من قبل يقول: ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال: ان النبوة والإمامة لا يجتمعان في بيت واحد، واني أدخل في ذلك ليظهر أنه كذب نفسه لما روى أولا (2).
وقد نقل ابن أبي الحديد في شرحه كلاما طويلا مشتملا على وجوه وجيهة في رفع الاستبعاد والتعجب في ترك الصحابة النص على علي عليه السلام والعمل على خلافه،