فثبت أنهم هم الأئمة الهداة الراشدون، المفسرون لكتاب الله، وقد دلنا النبي صلى الله عليه وآله على المفسر بقوله " اني تارك " (1) الحديث، وبقوله " انا مدينة العلم " (2) الحديث، وبقوله (علي أقضاكم) (1) وقد أشار صاحب الشريعة إلى دوام وجوده المفسر مع الكتاب بقوله (ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض) وسيجئ الحديث.
الدليل الثالث [لابد من امام معصوم لفصل الدعاوى بين الناس وإقامة الحدود] ان الله تعالى جعل من عمدة دينه إقامة الحدود، من القتل والضرب وغيرهما، وفصل الدعاوى بين الناس، وهذا لا يتحقق الا بنصب أمير مطاع عارف عادل غير جائر، معين من قبل الله تعالى، لأن الحكيم العليم لا يجوز أن يكل الأمة إلى أنفسهم، ولا ينصب لهم أميرا يباشروهم نصب الخلفاء مع بقاء التكليف، وارادته الاجتماع منهم، والائتلاف وترك الافتراق والاختلاف، وكونهم على الحق القويم والصراط المستقيم.
مع علمه تعالى بأن الغالب في الناس أهل الجهل والسفه، وحب الدنيا الذي هو رأس كل خطيئة، وهم لا يختارون ولا يريدون الا أمثالهم وأشباههم، ويبغضون أهل الفضل والعلم والتقوى، ولا يحبون أتباعهم واقتفاء آثارهم، ويلزم ثوران الفتنة، بأن يختار كل طائفة إماما، لاختلاف دواعيهم، فيؤول الأمر إلى القتل والأسر والنهب، كما وقع ليزيد وابن الزبير والوليد، وأشباههم من بني أمية وبني العباس، وفساد هؤلاء الفساق أشهر وأظهر من كفر إبليس.