يقبل قوله، ولم ينجذب إلى تصديقه، وكان أولى الأمور في حكم السياسة وتدبير الناس أن يجيب بما لا نفرة منه، ولا مطعن عليه فيه (1).
ومما يدل أيضا على ما ادعيناه، ما نقله ابن أبي الحديد في شرحه، قال: قال المدائني: وكتب الحسن عليه السلام إلى معاوية: من عبد الله الحسن أمير المؤمنين إلى معاوية بن أبي سفيان، أما بعد فان الله بعث محمدا رحمة للعالمين، فأظهر به الحق، وقمع به الشرك، وأعز به العرب عامة، وشرف به قريشا خاصة، فقال وانه لذكر لك ولقومك (2) فلما توفاه الله تنازعت العرب بعده، فقالت قريش: نحن عشيرته وأولياؤه، فلا تنازعوا سلطانه، فعرفت العرب لقريش ذلك، وجاحدتنا قريش لما عرفت لها العرب، فهيهات ما أنصفتنا قريش إلى آخر كلامه عليه السلام (3).
قال: وكتب الحسن عليه السلام إلى معاوية مع حرب بن عبد الله الأزدي: من الحسن بن علي أمير المؤمنين إلى معاوية بن أبي سفيان، سلام عليك، فاني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد، فان الله جل جلاله بعث محمدا صلى الله عليه وآله رحمة للعالمين، ومنة على المؤمنين، وكافة للناس أجمعين، لينذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين، فبلغ رسالات الله، وقام بأمر الله حتى توفاه الله، غير مقصر ولا وان، بعد أن أظهر الله به الحق، ومحق به الشرك، وخص به قريشا خاصة، فقال له وانه لذكر لك ولقومك.
فلما توفي تنازعت سلطانه العرب، فقالت قريش: نحن قبيلته وأسرته وأولياؤه، ولا يحل لكم أن تنازعونا سلطان محمد وحقه، فرأت العرب أن القول ما قالت قريش، وأن الحجة لهم في ذلك على من نازعهم أمر محمد، فأنعمت لهم، وسلمت