يستطيع الامتناع، وعلى رأسه مائة ألف سيف مسلول، تتلظى أكباد أصحابها عليه، ويودون أن يشربوا دمه بأفواههم، ويأكلوا لحمه بأسنانهم، وقد قتل أبناءهم وإخوانهم وآباءهم وأعمامهم، والعهد لم يطل، والقروح لم تتقرف (1)، والجروح لم تندمل.
فقلت له: لقد أحسنت فيما قلت، الا أن لفظه عليه السلام يدل على أنه لم يكن نص عليه، ألا تراه يقول: ونحن الأعلون نسبا، والأشدون بالرسول نوطا. فجعل الاحتجاج بالنسب وشدة القرب، فلو كان عليه نص لقال عوض ذلك: وأنا المنصوص علي المخطوب باسمي.
فقال: إنما أتاه من حيث يعلم، لا من حيث يجهل، ألا ترى أنه سأله، فقال:
كيف دفعكم قومكم عن هذا المقام وأنتم أحق به؟ فهو إنما سأل عن دفعهم عنه وهو أحق به من جهة اللحمة والعترة، ولم يكن الأسدي يتصور النص ولا يعتقده، ولا يخطر بباله، لأنه لو كان هذا في نفسه لقال له لم دفعك الناس عن هذا المقام وقد نص عليك رسول الله صلى الله عليه وآله؟ ولم يقل له هذا، وإنما قال كلاما عاما لبني هاشم كافة: كيف دفعكم قومكم عن هذا وأنتم أحق به، أي باعتبار الهاشمية والقربى، فأجابه بجواب أعاد قبله المعنى الذي تعلق به الأسدي بعينه تمهيدا للجواب، فقال: إنما فعلوا ذلك مع أنا أقرب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله من غيرنا، لأنهم استأثروا علينا.
ولو قال له: أنا المنصوص علي، والمخطوب باسمي في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله لما كان قد أجابه، لأنه ما سأله هل أنت منصوص عليك أم لا؟ ولا هل نص رسول الله صلى الله عليه وآله بالخلافة على أحد أم لا؟ وإنما قال: لم دفعكم قومكم عن الأمر وأنتم أقرب إلى ينبوعه ومعدنه منهم؟ فأجابه جوابا ينطبق على السؤال ويلائمه، وأيضا فلو أخذ يصرح له بالنص ويعرفه تفاصيل باطن الأمر، لنفر عنه واتهمه ولم