المسلمين، فوالله مالك خير في أن تلقى الله من دمائهم بأكثر مما أنت لاقيه به، وادخل في السلم والطاعة، ولا تنازع الأمر أهله ومن هو أحق به منك، ليطفئ الله النائرة بذلك، ويجمع الكلمة، ويصلح ذات البين، وان أنت أبيت الا التمادي في غيك سرت إليك بالمسلمين، فحاكمتك حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين.
فكتب معاوية إليه: من عبد الله معاوية أمير المؤمنين إلى الحسن بن علي، سلام عليك، فاني أحمد الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد، فقد بلغني كتابك، وفهمت ما ذكرت به محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله من الفضل، وهو أحق الأولين والآخرين بالفضل كله قديمه وحديثه، وصغيره وكبيره، قد والله بلغ وأدى ونصح وهدى، حتى أنقذ الله به من الهلكة، وأنار به من العمى، وهدى به من الجهالة والضلالة، فجزاه الله بأفضل ما جزا نبيا عن أمته، وصلوات الله عليه يوم ولد ويوم بعث ويوم قبض ويوم يبعث حيا.
وذكرت وفاة النبي صلى الله عليه وآله وتنازع المسلمين الأمر بعده، وتغلبهم على أبيك، فصرحت بتهمة أبي بكر الصديق، وعمر الفاروق، وأبي عبيدة الأمين، وحواري رسول الله، وصلحاء المهاجرين والأنصار، فكرهت ذلك لك، انك امرء عندنا وعند الناس غير الظنين ولا المسئ ولا اللئيم، وأنا أحب لك القول السديد والذكر الجميل (1).
ومما يدل أيضا على ما ادعيناه، ما رواه ابن أبي الحديد في شرحه عن الكلبي، قال: لما أراد علي عليه السلام المسير إلى البصرة، قام فخطب الناس، فقال بعد أن حمد الله وصلى على رسوله: ان الله لما قبض نبيه استأثرت علينا قريش بالأمر، ودفعتنا عن حق نحن أحق به من الناس كافة، فرأيت أن الصبر على ذلك أفضل من تفريق كلمة المسلمين، وسفك دمائهم، والناس حديثوا عهد بالاسلام، والدين يمخض مخض