فوالله ما أعتذر إلى الناس من ذلك (1).
ودلالة هذا الجواب على ما ادعيناه ظاهر واضح.
ومما يدل أيضا على ما ادعيناه، ما نقله ابن أبي الحديد في شرحه، من خطبته التي خطب بها بعد فتح مصر وقتل محمد بن أبي يكر، والخطبة طويلة نذكر منها محل الحاجة، قال: فلما مضى لسبيله صلى الله عليه وآله، تنازع المسلمون الأمر بعده، فوالله ما كان يلقي في روعي، ولا يخطر على بالي أن العرب تعدل هذا الأمر بعد محمد صلى الله عليه وآله عن أهل بيته، ولا أنهم منحوه عني، فما راعني الا انثيال الناس على أبي بكر واجتماعهم إليه ليبايعوه، فأمسكت يدي، ورأيت أني أحق بمقام محمد صلى الله عليه وآله في الناس بمن تولى الأمر من بعده.
فلبثت بذاك ما شاء الله حتى رأيت راجعة من الناس رجعت عن الاسلام يدعون إلى محق دين الله وملة محمد صلى الله عليه وآله، فخشيت ان لم أنصر الاسلام وأهله أن أرى فيه ثلما وهدما، يكون المصاب بهما علي أعظم من فوات ولاية أموركم التي إنما هي متاع أيام قلائل، ثم يزول ما كان منها كما يزول السراب، وكما يتقشع السحاب فمشيت عند ذلك إلى أبي بكر فبايعته، ونهضت في تلك الأحداث حتى زاغ الباطل وزهق، فكان كلمة الله هي العليا ولو كره الكافرون.
إلى قوله: فما كانوا لولاية أحد منهم أشد كراهة لولايتي عليهم، كانوا يسمعون عند وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله لجاج أبي بكر، وأقول: يا معشر قريش انا أهل البيت أحق بهذا الأمر منكم، ما كان فينا من يقرأ القرآن، ويعرف السنة، ويدين بدين الحق، وخشي القوم ان أنا وليت عليهم ألا يكون لهم من الأمر نصيب ما بقوا، فأجمعوا اجماعا واحدا، فصرفوا الولاية إلى عثمان، وأخرجوني منه رجاء أن ينالوها ويتداولوها، إذ يئسوا أن ينالوا بها من قبلي.