مائتي مقرعة ثم بادرت فأخذت ذلك السلاح الذي معهم ورميته في الماء وذلك اني خفت ان يقصدنا اللصوص فلا يرضون إلا بقتلي واستسلمت للامر طلبا للسلامة في نفسي وجعلت أفكر في الطالع الذي خرجت فيه فإذا ليس فيه ما يوجب القطع علي، والناس قد ابرزوا إلى الشط وانا في جملتهم، وهم يفرغون السفن وينقلون ما فيها إلى الشط ويشلحون ويقطعون وكنت في وسط المكان فلما انتهى إلي الامر جعلت أعجب من حصولي في الخوف والطالع لا يوجبه وليس اتهم عملي في هذا، فانا كذلك إذا سفينة فيها رئيسهم قد طرح علي كما كان يطرح على سفن الناس ليشرف على ما يوجد، فحين رآني منع أصحابه من انتهاب مالي أو شئ من سفينتي وصعد وحده إلى أن صار قدامي وتأملني طويلا ثم انكب يقبل يدي وكان متلثما فلم اعرفه فعجبت وقلت يا هذا مالك فأسفر وقال أما تعرفني يا سيدي؟ فتأملته وانا جزع فلم اعرفه فقلت لا والله قال بلى انا عبدك ابن فلان بوابك الكرخي هناك، وانا الصبي الذي ربيت في دارك فبررتني فتأملته فإذا الخلقة خلقته إلا ان اللحية قد غيرته في عيني فسكن روعي قليلا، وقلت في الحال يا هذا كيف بلغت إلى هذا الحال؟
قال سيدي نشأت فلم أتعلم غير معالجة السلاح وجئت إلى بغداد اطلب الديوان فما طلبني أحدا إلى هذا الحال فطلبت قطع الطريق فلو كان أنصفني السلطان وأنزلني بحيث استحق من الشجاعة ما فعلت هذا بنفسي فأقبلت أعظه وأخوفه الله ثم خشيت ان يشق ذلك عليه فتفسد رعايته لي فاقتصرت، فقال يا سيدي لا يكون بعض هؤلاء اخذ منك شيئا قلت لا