الخليل (ع) ورفع رأسه إلى السماء وقال يا رب البيت العتيق والركن الوثيق والحجر الغريق وزمزم الدقيق أنت تعلم أن أبا العاص رهن المفتاح في ثمن الشراب واستخف ببيتك ولم يعرف حق بيتك وانا استرجعته وغسلته وفعلت به ما فعلت اللهم إني أسألك ان تسلب هذا العز عن أبي العاص ومن أهل بيته ثم رجع إلى منزله (قال الواقدي) فأصبح أهل مكة يوم الثاني وكان في الحرم واجتمع الخلق بباب بيت الله الحرام يزورونه فما كان إلا هنيئة حتى جاء أبو العاص ومعه المفتاح والناس يتأخرون عن طريقه تعظيما له إذ كان هو صاحب مفتاح بيت الله الحرام فدنا أبو العاص إلى فتح الباب فادخل المفتاح في مجرى القفل فلم يدخل فيه المفتاح فاحتال أبو العاص كل حيلة ان ينبعث المفتاح في القفل فلم يدخل فيه بأمر الله وقدرته فانتفخت يد أبي العاص من مداومة نفسه من الشدة فوقعت الصيحة في العرب ان باب بيت الله الحرام قد انغلق حتى ما عاد ان ينفتح فتعجب الخلق من ذلك وبقى الباب مغلوقا والناس في مصيبة عظيمة من امره فلما أتى على الناس شهر اجتمع بمكة زهاء الف رجل على أن يزوروا بيت الله الحرام وقد نالهم الضجر لتطاول الامر عليهم فلما أصبحوا يوم الاثنين هتف بهم هاتف يقول إن باب بيت الله لا ينفتح على يد من يرهن المفتاح عند الخمار وليس لكم حيلة دون ان تصدوا كلكم إلى عامر بن شيبة وتدفعوا إليه المفتاح فان الله قد سلب من بنى أمية هذا العز فصار الناس كلهم إلى عامر بن شيبة وأخبروه بما كان من قول الهاتف فسمع عامر منهم ذلك فسار إلى باب بيت الحرام ومعه المفتاح فقال بسم الله رب السماء وادخل المفتاح في مجرى القفل فانفتح بأمر الله تعالى فدخل الخلق إلى بيت الله الحرام وسلب الله تعالى من بني أمية عزهم وجعله إلى عامر بن شيبة وجعله عقبا بعد عقب ثم إنه لا ينفتح إلى الساعة إلا على يدي عامر وأولاده فبقي عنده المفتاح إلى يوم فتح مكة فلما فتح رسول الله صلى الله عليه وآله مكة وكان في أيام الحج فجعل غزوه سببا لحجه فلما
(٥١)