(قال) الواقدي ثم إن الوليد بن المغيرة ترأس من بعد عبد المطلب واستقام امره وكان لعنه الله لعنه معاندا لرسول الله صلى الله عليه وآله وكان أبو طالب يحب رسول الله صلى الله عليه وآله محبة لم ير مثلها وكان ينومه وبجنبه ويوسده يمينه ويدثره يساره وإذا قام بالليل قام معه وإذا أراد ان ينام ينزعه ثيابه وبعريه ويأخذه في فراشه وكان يحب ان يلتزق جلده بجلده لمحبته له وليرضي الله تعالى بذلك وكان إذا دخل جوف الفراش لا يصير بينه وبين النبي صلى الله عليه وآله حاجز حتى يختلط بدنه ببدنه، فعند ذلك رمدت عين النبي رمدا شديدا واصابه منه وجع حتى أنه كان يأخذ خرقة سوداء ويضعها على عينيه ولا يقدر ان يفتح بصره لما كان به من الأذى والألم فعالجوه فتمادت به العلة وطالت به فدخل على أبي طالب من ذلك غم شديد واحضر الأطباء فما ازداد إلا ألما فأشارت إليه قريش وبنو هاشم إلى أن يحمله إلى عند حبيب الراهب ليدعوا له ربه بالعافية والرحمة وكان ذلك لهم بابا فقال أبو طالب نعم ما دبرتم ثم جاء إلى منزله فأخبر النبي صلى الله عليه وآله بذلك فقال له الرأي رأيك (قال) الواقدي فلما كان في اليوم الثاني غسل رأس النبي صلى الله عليه وآله وزين لباسه وجمله بأحسن زينة وأركبه ناقة جليلة وكان حبيب على ثلاث مراحل من مكة في صومعته على طريق الطائف فاخرج أبو طالب رسول الله صلى الله عليه وآله بالليل عن وهج الشمس فلما بلغ الصومعة نادى الغلام يا حبيب فاجابه فقال إن أبا طالب بن عبد المطلب بالباب فأمر ان يدخلا فدخلا وقعد أبو طالب إلى جنب حبيب ولم يتكلم حبيب حتى سكنا جميعا ثم قال أبو طالب يا سيدي ان هذا ابن أخي النبي محمد صلى الله عليه وآله به رمد وقد داويناه بكل دواء فلم ينتفع ولم يبرأ رمده وقد جئتك لتدعوا له رب السماء ان يعافيه مما به فقال له حبيب تعال إلى عندي يا محمد فقال له محمد صلى الله عليه وآله تعال أنت إلى عندي فقال أبو طالب واعجبا منك يا سيدي أنت الشاكي فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله بل حبيب الشاكي فغضب حبيب وقال يا محمد فما أشكو قال النبي صلى الله عليه وآله
(٤٨)